فقالت له دعه فقد كفيتك أمره فأقام معها نهاره صائم وليله قائم حتى مر أكثر الأجل فقال العلج لابنته ما صنعت قالت ما صنعت شيئا هذا رجل فقد أخويه في هذه البلدة فأخاف أن يكون إمتناعه من أجلهما كلما رأى آثارهما ولكن إستزد الملك في الأجل وانقلني وإياه إلى بلد غير هذا فزاده أياما فأخرجهما إلى قرية أخرى فمكث على ذلك أياما صائم النهار قائم الليل حتى إذا بقي من الأجل أيام قالت له الجارية ليلة يا هذا إني أراك تقدس ربا عظيما وإني قد دخلت معك في دينك وتركت دين آبائي قال لها فكيف الحيلة في الهرب قالت أنا أحتال لك وجاءته بدابة فركباها فكانا يسيران بالليل ويكمنان بالنهار فبينما هما يسيران ليلة إذ سمعا وقع خيل فإذا هو بأخويه ومعهما ملائكة رسل إليه فسلم عليهما وسألهما عن حالهما فقالا ما كانت إلا الغطسة التي رأيت حتى خرجنا في الفردوس وإن الله أرسلنا إليك لنشهد تزويجك بهذه الفتاة فزوجوه إياها ورجعوا وخرج إلى بلاد الشام فأقام معها وكانا مشهورين بذلك معروفين بالشام في الزمن الأول وقد قال فيهما بعض الشعراء أبياتا منها.
سيعطي الصادقين بفضل صدق ** نجاة في الحياة وفي الممات .
وأخرج إبن عساكر عن أبي مطيع معاوية بن يحيى أن شيخا من أهل حمص خرج يريد المسجد وهو يرى أنه قد أصبح فإذا عليه ليل فلما صار تحت القبة سمع صوت جرس الخيل على البلاط فإذا فوارس قد لقي بعضهم بعضا قال بعضهم لبعض من أين قدمتم قالوا أو لم تكونوا معنا قالوا لا قالوا قدمنا من جنازة البديل خالد بن معدان قالوا وقد مات ما علمنا بموته فلما أصبح الشيخ حدث أصحابه فلما كان نصف النهار قدم البريد يخبر بموته.
وأخرج إبن أبي الدنيا في القبور وإبن عساكر عن الشعبي قال كان صفوان بن أمية الصحابي رضي الله عنه ببعض المقابر إذ أقبلت جنازة وسمع صوتا من القبر حزينا موجعا يقول شعرا.