قال إبن القيم وهذا القول إن أريد به أنها ملازمة للقبور ولا تفارقها فهو خطأ يرده الكتاب والسنة وعرض المقعد لا يدل على أن الروح في القبر ولا على فنائه بل إن لها إتصالا به يصح أن يعرض عليها مقعدها فإن للروح شأنا آخر فتكون في الرفيق الأعلى وهي متصلة بالبدن بحيث إذا سلم المسلم على صاحبها رد عليه السلام وهي في مكانها هناك وهذا جبريل عليه السلام رآه النبي صلى الله عليه وسلم وله ستمائة جناح منها جناحان سد الأفق فكان يدنو من النبي صلى الله عليه وسلم حتى يضع ركبتيه على ركبتيه ويديه على فخذيه وقلوب المخلصين تتسع للإيمان بأن من الممكن أنه كان يدنو هذا الدنو وهو في مستقره من السماوات.
وفي الحديث في رؤية جبريل فرفعت رأسه فإذا جبريل صاف قدميه بين السماء والأرض يقول يا محمد أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جبريل فجعلت لا أصرف بصري إلى ناحية إلا رأيته كذلك وعلى هذا يحمل تنزله تعالى إلى سماء الدنيا ودنوه عشية عرفة ونحوه فهو منزه عن الحركة والإنتقال وإنما يأتي الغلط هنا من قياس الغائب على الشاهد فيعتقد أن الروح من جنس ما يعهد من الأجسام التي إذا أشغلت مكانا لم يمكن أن تكون في غيره وهذا غلط محض وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء موسى قائما يصلي في قبره ورآه في السماء السادسة فالروح كانت هناك في مثل البدن ولها إتصال بالبدن بحيث يصلي في قبره ويرد على من يسلم عليه وهو في الرفيق الأعلى ولا تنافي بين الأمرين فإن شأن الأرواح غير شأن الأبدان وقد مثل ذلك بعضهم بالشمس في السماء وشعاعها في الأرض وإن كان غير تام المطابقة من حيث أن الشعاع إنما هو عرض للشمس أما الروح فهي بنفسها تنزل وكذلك رؤية النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء في ليلة الإسراء في السماوات الصحيح أنه رأى فيها الأرواح في مثل الأجسام مع ورود أنهم أحياء في قبورهم يصلون .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي نائيا بلغته أخرجه البيهقي في الشعب من حديث بأبي هريرة.
وقال إن الله وكل بقبري ملكا أعطاه أسماء الخلائق فلا يصلي عليِّ