وقد يكون الذكر[1] للتهويل أو التعجّب أو الإشهاد في قضية أو التسجيل على السامع حتّى لا يكون له سبيل إلى الإنكار (وأمّا تعريفه) أي: إيراد المسند إليه معرفة[2] وإنّما قدّم ههنا التعريف وفي المسند التنكير لأنّ الأصل في المسند إليه التعريف وفي المسند التنكير (فبالإضمار لأن المقام للتكلم) نحو: ½أنا ضربت¼ (أو الخطاب) نحو: ½أنت ضربت¼ (أو الغيبة) نحو: ½هو ضرب¼ لتقدّم ذكره[3] إمّا لفظاً تحقيقاً أو تقديراً وإمّا معنى لدلالة لفظ عليه أو قرينة حال وإمّا حكماً (وأصل الخطاب أن يكون لمعيّن) واحداً كان أو أكثر؛
[1] قوله: [وقد يكون الذكر إلخ] بيان لبعض نكات ولطائف أخرى لذكر المسند إليه. قوله ½للتهويل¼ أي: التخويف نحو ½أمير المؤمنين يأمرك¼. قوله ½أو التعجّب¼ أي: إظهار التعجّب نحو ½الصبيّ قاوم الأسد¼. قوله ½أو الإشهاد في قضيّة¼ أي: إشهاد المتكلِّم السامعَ على ثبوت المسند للمسند إليه نحو ½زيد باع¼. قوله ½أو التسجيل على السامع¼ أي: تعيين الذي قصد التسجيل عليه أي: كتابة الحكم عليه بين يدي الحاكم كما إذا قال الحاكم للشاهد: ½هل أقرّ هذا على نفسه بكذا¼ فيقول: ½نعم! زيد هذا أقرّ إلخ¼ لئلاّ يجد السامع السبيل إلى أن يقول للحاكم عند التسجيل: فَهِم الشاهد أنك أشرتَ لا إلَيّ بل إلَى غيري فأجاب عنه ولذلك لم أنكره.
[2] قوله: [أي: إيراد المسند إليه إلخ] أي: ليس المراد بتعريفه جعله معرفة فإنّ ذلك من شأن الواضع بل إيراده معرفة فإنه من وظائف المتكلِّم. قوله ½لأنّ الأصل إلخ¼ أي: فقدّم في كلٍّ ما هو الأصل فيه.
[3] قوله: [لتقدّم ذكره] أي: ذكر مرجعه, وهذا علّة لكون المقام مقام الغيبة. قوله ½إمّا لفظاً إلخ¼ إشارة إلى أنّ تقدّم المرجع على ثلاثة أقسام لفظيّ ومعنويّ وحكميّ, واللفظيّ على قسمين تحقيقيّ وتقديريّ نحو ½زيد يضرب¼ و½في داره زيد¼, والمعنويّ أيضاً على قسمين أن يكون المرجع جزءاً من لفظ متقدِّم وأن يكون مفهوماً من سياق الكلام مثل ﴿وَلِأَبَوَيۡهِ لِكُلِّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا ٱلسُّدُسُ﴾ [المائدة:٨], و﴿ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ﴾ [النساء:١١], والحكميّ أن يكون المرجع مؤخَّراً ولم يكن هناك ما يقتضي اعتبار تقدّمه إلاّ ذلك الضمير باعتبار أنّ وضعه على أن يعود إلى متقدِّم نحو ½ربّه رجلاً¼ ومنه ضمير الشأن والقصّة.