لأنّ وضع المعارف[1] على أن تستعمل لمعيّن مع أنّ الخطاب هو توجيه الكلام إلى حاضر (وقد يترك) الخطاب مع معيّن (إلى غيره) أي: غير معيّن (ليعمّ) الخطابُ (كلَّ مخاطَب) على سبيل البدل[2] (نحو: ﴿وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ﴾ [السجدة:١٢]) لا يريد بقوله ½ولو ترى¼ مخاطباً معيناً قصداً إلى تفظيع حال المجرمين (أي: تناهت حالهم في الظهور) لأهل المحشر إلى حيث[3] يمتنع خَفاؤها فلا يختصّ بها رؤية راءٍ دون راءٍ وإذا كان كذلك (فلا يختصّ به) أي: بهذا الخطاب (مخاطب) دون مخاطب بل كلّ من يتأتّى منه الرؤية فله مدخل في هذا الخطاب، وفي بعض[4] النسخ: ½فلا يختصّ بها¼ أي: برؤية حالهم مخاطب أو بحالهم رؤية مخاطب على حذف المضاف (وبالعلميّة) أي:
[1] قوله: [لأنّ وضع المعارف إلخ] أي: لأنّ المعارف مطلقاً وضعت لأنْ تستعمل في معيّن وضمير المخاطب من جملة المعارف فثبت أنّ أصل الخطاب أن يكون لمعيّن, فهذا تعليل أعمّ من المدّعى. قوله ½مع أنّ الخطاب إلخ¼ أي: ولأنّ الخطاب إلقاء الكلام إلى حاضر بأن يكون فيه إشارة إلى حضوره والحاضر كذلك لا يكون إلاّ معيّناً, فهذا تعليل ثان قاصر على المدّعى.
[2] قوله: [على سبيل البدل] أي: دون الشمول ولذلك يفرد هذا الخطاب نحو ½ترى¼. قوله ½لا يريد إلخ¼ الأليق بالأدب: ½ليس المراد¼ ونحوه. قوله ½قصداً¼ علّة لقوله ½لا يريد¼, والتفظيع بيان الفظاعة من ½فظُع الأمر¼ اشتدّت شناعته وقبحه. قوله ½المحشِر¼ بكسر الشين موضع الحشر كما في "المختار" ومثله في "القاموس" وذكر ابن المالك إنّ فيه الكسر والفتح.
[3] قوله: [إلى حيث] متعلِّق بـ½تناهت¼ أي: إلى حالة يمتنع خَفاؤها بسبب الاتّضاح. قوله ½فلا يختصّ بها¼ أي: بتلك الحالة. قوله ½وإذا كان كذلك¼ أي: وإذا كان حالهم لا يختصّ به رؤية راء دون راء.
[4] قوله: [وفي بعض النسخ إلخ] إشارة إلى اختلاف النسخ. قوله ½على حذف المضاف¼ أي: إنه على نسخة ½بها¼ فالضمير يرجع إلى ½حالهم¼ ولا بدّ على هذه النسخة من تقدير المضاف إمّا قبل ضمير ½بها¼ أو قبل ½مخاطب¼, ووجه الاحتياج إلى التقدير أنّ حالة المجرمين ليست وصفاً قائماً بالمخاطب حتّى يصحّ أن يختصّ بها بخلاف الرؤية فإنها وصف قائم به فيصحّ اختصاصه بها.