عنوان الكتاب: مختصر المعاني

الواجب الوجود الخالق للعالم، وزعم بعضهم[1] أنه اسم لمفهومِ الواجب لذاته أو المستحقِّ للعبوديّة له وكلّ منهما كلّي انحصر في فردٍ فلا يكون علَماً لأنّ مفهوم العلَم جزئيّ. وفيه نظر؛ لأنا لا نسلّم أنه اسم لهذا المفهوم الكلّي كيف[2] وقد أجمعوا على أنّ قولنا: ½لا إله إلاّ الله¼ كلمة التوحيد ولو كان ½الله¼ اسماً لمفهوم كلّي لما أفادت التوحيد لأنّ الكلّي من حيث هو كلّي يحتمل الكثرة (أو تعظيم أو إهانة) كما في الألقاب[3] الصالحة لذلك مثل ½ركب عليّ¼ و½هرب معاوية¼ (أو كناية) عن معنى يصلح العلَم له نحو: ½أبو لهب فعل كذا¼ كنايةً عن كونه جهنّميًّا[4] بالنظر إلى الوضع الأوّل أعني: الإضافِيّ لأنّ معناه[5] ملازِم النار


 



[1] قوله: [وزعم بعضهم] وهو الشارح الخلخاليّ. قوله ½اسم¼ أي: ليس بعلم. قوله ½لمفهوم الواجب لذاته¼ إضافة المفهوم إلى الواجب بيانيّة, والواجب لذاته هو الذي لا يحتاج إلى غيره في وجوده. قوله ½للعبوديّة له¼ أي: لكون غيره عبداً له. قوله ½وكلّ منهما¼ أي: من الواجب لذاته والمستحقّ للعبوديّة له.

[2] قوله: [كيف] أي: لا يصحّ أن يكون اسماً للمفهوم الكليّ والحال أنّهم قد أجمعوا إلخ, فالاستفهام تعجّبيّ  بمعنى النفي. قوله ½كلمة التوحيد¼ أي: كلمة تفيد التوحيد وتدلّ عليه. قوله ½لما أفادت التوحيد¼ أي: لكن التالي باطل فبطل المقدّم. قوله ½لأنّ الكليّ¼ دليل للشرطيّة. قوله ½من حيث هو كليّ¼ أمّا من حيث هو منحصر في جزئيّ معيّن فلا يحتمل الكثرة.

[3] قوله: [كما في الألقاب] وكما في الأسماء والكنى الصالحة لذلك نحو ½عليّ¼ و½معاوية¼ ونحو ½أبو الفضل¼ و½أبو الجهل¼, وإنما نصّ على الألقاب لأنها الموضوعة للإشعار بالمدح أو الذمّ. قوله ½الصالحة لذلك¼ أي: المشعرة بالتعظيم أو الإهانة وهذا وصف كاشف للألقاب. قوله ½ركب عليّ إلخ¼ تعظيم المسند إليه فيه مأخوذ من لفظ ½عليّ¼ لأخذه من العلوّ, والإهانة مأخوذة من لفظ ½معاوية¼ لأخذه من العوى وهو صراخ الذئب, ثمّ التمثيل بـ½عليّ ومعاوية¼ على اعتبار أنهما لقبان لشخصين لا لصحابيين.

[4] قوله: [كناية عن كونه جهنّميًّا] فقولك ½أبو لهب فعل كذا¼ في معنى ½جهنّميّ فعل كذا¼. قوله ½بالنظر إلخ¼ أي: كون هذا العلم كناية عن كونه جهنّميًّا إنما هو بالنظر إلى معناه بحسب الوضع الأوّل وهو الوضع الإضافيّ لا بالنظر إلى معناه بحسب الوضع الثاني وهو الوضع العلميّ.

[5] قوله: [لأنّ معناه إلخ] أي: لأنّ معنى أبي لهب بالنظر إلى الوضع الأوّل ملازم النار وملابسها, وهذا معناه المجازيّ؛ إذ معناه الحقيقيّ بالنظر إليه أنه أب للنار والنار بنته ولكن لم يقصد به هذا المعنى أصلاً لعدم صحّته, والحاصل أنّ هذه الكناية مبنيّة على المجاز. قوله ½ويلزمه¼ أي: يلزم ½أبا لهب¼ بالنظر إلى معناه بحسب الوضع الأوّل أنه جهنّميّ أي: يلزمه هذا لزوماً عرفيًّا ومثله يكفي عند علماء المعاني؛ لأنهم يكتفون بالملازمة في الجملة وهي أن يكون أحدهما بحيث يصلح للانتقال منه إلى الآخر وإن لم يكن هناك لزوم عقليّ, على أنه قال في "ط" واللهب الحقيقيّ لهب جهنّم, فهو إشارة إلى الجواب عن منع الملازمة بأنّ اللهب أعمّ من لهب جهنّم والعامّ لا يلزمه الخاصّ.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471