في الشرح (ثم إنه) أي: الإيماءَ إلى وجه بناء الخبر لا مجرّدَ جعل المسند إليه موصولاً[1] كما سبق إلى بعض الأوهام (ربما جعل ذريعة) أي: وسيلة (إلى التعريض بالتعظيم لشأنه) أي: لشأن الخبر (نحو: إنّ الذي سَمَك) أي: رفع (السماء بنَى لنا بيتاً) أراد به الكعبة أو بيت الشرَفِ[2] والمجدِ (دعائمه أعزّ وأطول) من دعائم كلِّ بيتٍ، ففي قوله ½إنّ الذي سَمَك السماء[3]¼ إيماء إلى أنّ الخبر المبنيّ عليه أمر من جنس الرفعة والبناء عند من له ذوق سليم، ثم فيه[4] تعريض بتعظيم بناء بيته لكونه فعل مَن رفع السماء التي لا بناء أعظم منها وأرفع (أو) ذريعة إلى تعظيم (شأن غيره) أي: غير الخبر (نحو: ﴿ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيۡبٗا كَانُواْ هُمُ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾ [الأعراف:٩٢]) ففيه[5] إيماءٌ إلى أنّ الخبر المبنيّ عليه ممّا ينبيء عن
[1] قوله: [لا مجرّد جعل المسند إليه موصولاً] وذلك لأنّ سياق الكلام ينافيه فإنّه لو كان كذلك لقال ½أو جعله ذريعة إلخ¼ على نسق ما قبله, ولأنه يفهم ح أنّ ما يذكر بعد يوجد من غير الإيماء وهو فاسد. قوله ½بعض الأوهام¼ أي: وهم الشارح الخلخالي.
[2] قوله: [أو بيت الشرف] الإضافة بيانيّة والمراد ببيت الشرف نسبه وبدعائمه الرجال الذين فيه, وهذا هو المناسب للمقصود؛ لأنّ قصد الفرزدق بهذه القصيدة افتخاره على جرير بأنّ آباءه أماجد وأشراف لكونهم من قريش بخلاف آباء جرير فإنهم من أراذل بني تميم, فتعيّن حمل بيت على بيت المجد.
[3] قوله: [ففي قوله ½إنّ الذي سمك السماء إلخ] أي: بخلاف ما إذا قيل مثلاً ½إنّ الله إلخ¼. قوله ½عند من له ذوق¼ متعلِّق بقوله ½إيماء¼ وأفاد بذلك أنّ الشاهد على هذا الإيماء هو الذوق.
[4] قوله: [ثمّ فيه] أي: ثمّ في هذا الإيماء. قوله ½لكونه فعل إلخ¼ أي: فكما أنّ السماء عظيم كذلك بيتنا عظيم لأنّ آثار المؤثِّر الواحد متشابهة لا تختلف. إن قلت فالتعريض فيه إنما هو بتعظيم البيت وهو مفعول به لا بتعظيم البناء الذي هو الخبر. أجيب بأنّ تعظيم البيت لتعلّق بناء من رفع السماء به فلا محيد عن اعتبار البناء في التعظيم. قوله ½ذريعة إلى تعظيم¼ الأولى أن يقول ½ذريعة إلى التعريض بتعظيم¼؛ لأنه الموافق لما تقدّم.
[5] قوله: [ففيه] أي: ففي الموصول مع الصلة. قوله ½ممّا ينبيء عن الخيبة¼؛ وذلك لأنّ شعيباً نبيّ فتكذيبه يوجب الخيبة. قوله ½والخسران¼ عطف تفسير. قوله ½وتعظيم لشأن شعيب¼ يعني ثمّ في هذا الإيماء تعريض بشأن شعيب الذي هو غير الخبر لأنه مفعول به.