نحو: ﴿فَأۡذَنُواْ بِحَرۡبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ﴾ [البقرة:٢٧٩]) أي: حرب عظيم (وللتحقير نحو: ﴿إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّٗا﴾ [الجاثية:٣٢]) أي: ظنًّا حقيراً ضعيفاً إذ الظنّ ممّا يقبل الشدّة والضعف، فالمفعول المطلق ههنا للنوعيّة[1] لا للتأكيد وبهذا الاعتبار صحّ وقوعه بعد الاستثناء مفرّغاً مع امتناع ½ما ضربته إلاّ ضرباً¼ على أن يكون المصدر للتأكيد لأنّ مصدر ½ضربته¼ لا يحتمل غير الضرب والمستثنى منه يجب أن يكون متعدِّداً[2] ليشمل المستثنى وغيرَه، واعلم أنه كما أنّ التنكير الذي في معنى البعضيّة يفيد التعظيم فكذلك صريح لفظ ½البعض¼[3] كما في قوله تعالى: ﴿وَرَفَعَ بَعۡضَهُمۡ دَرَجَٰتٖۚ﴾ [البقرة:٢٥٣] أراد محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم ففي هذا الإبهام[4] من تفخيم فضله وإعلاء قدره ما لا يخفى....................
[1] قوله: [فالمفعول المطلق إلخ] تفريع على تفسيره. قوله ½لا للتأكيد¼ أي: لمجرّد التأكيد وإلاّ فالمفعول المطلق لا ينفكّ عنه. قوله ½وبهذا الاعتبار إلخ¼ أي: ولأجل أنّ المفعول المطلق هنا للنوعيّة صحّ إلخ. قوله ½مفرَّغاً¼ أي: استثناءً مفرَّغاً. قوله ½على أن يكون المصدر للتأكيد¼ وأمّا على أن يكون للنوعيّة أي: ضرباً كثيراً أو قليلاً فلم يمتنع.
[2] قوله: [يجب أن يكون متعدِّداً إلخ] أي: وإلاّ فيلزم استثناء الشيء من نفسه وكذلك يلزم التناقض؛ لأنّ ½ما ضربت¼ يقتضي نفي الضرب و½إلاّ ضرباً¼ يقتضي إثباته.
[3] قوله: [فكذلك صريح لفظ ½البعض¼] أي: يفيد التعظيم, وكذا يفيد التحقير والتقليل نحو ½هذا كلام ذكره بعض الناس¼ ونحو قولك لمن رأيته في همّة عظيمة في أمر قليل: ½كفى هذا الأمر بعض اهتمامه¼ أي: إنّ هذا الأمر لقلّته يكفيه بعض ذلك الاهتمام.
[4] قوله: [ففي هذا الإبهام] حيث أريد المقيّد بالمطلق كأنّ هذا المطلق لا يصلح إلاّ له. قوله ½من تفخيم فضله إلخ¼ بيان لـ½ما لا يخفى¼, وذلك لأنّ إبهامه يدلّ على أنّ المعبّر عنه أعظم في رفعته وأجلّ من أن يعرف حتّى يصرّح به, والذوق السليم شاهد صدق مع القرائن الدالّة على المراد.