وإنّما جعله من أحوال المسند إليه[1] لأنه يقترن به أولاً، ولأنه في المعنى عبارة عنه وفي اللفظ مطابق له (فلتخصيصه) أي: المسند إليه (بالمسند) يعني: لقصر المسند[2] على المسند إليه؛ لأن معنى قولنا: ½زيد هو القائم¼ أنّ القيام مقصور على زيد لا يتجاوزه إلى عمرو، فالباء في قوله: ½فلتخصيصه بالمسند¼ مثلها في قولهم: ½خصّصت فلاناً بالذكر¼ أي: ذكرته دون غيره، كأنك[3] جعلته من بين الأشخاص مختصًّا بالذكر أي: متفرِّداً به، والمعنى ههنا[4] جعل المسند إليه من بين ما يصحّ اتّصافه بكونه مسنداً إليه مختصًّا بأن يَثبُت له المسند كما يقال في ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ﴾ [الفاتحة:٤]، معناه ½نخصّك بالعبادة ولا نعبد غيرك¼ (وأمّا تقديمه) أي: تقديم المسند إليه (فلكون ذكره أهمَّ) ولا يكفي في التقديم[5]
[1] قوله: [وإنما جعله من أحوال المسند إليه] أي: حيث ذكره في مبحثه ولم يجعله من أحوال المسند مع أنه مقترن بكليهما. قوله ½أوّلاً¼ أي: قبل اقترانه بالمسند. قوله ½عبارة عنه¼ هذا مبنيّ على القول المرجوح من أنّ ضمير الفصل ضمير حقيقة والصحيح أنه صيغة ضمير وليس بضمير بل حرف, وإطلاق الضمير عليه مجاز مرسل علاقته المشاكلة. قوله ½وفي اللفظ¼ أي: في الإفراد والتثنية والجمع.
[2] قوله: [يعني: لقصر المسند إلخ] إشارة إلى أنّ الباء هنا داخلة على المقصور. قوله ½فالباء إلخ¼ تفريع على العناية وتصريح بما أشار إليه أوّلاً. قوله ½مثلها¼ أي: مثل الباء في كونها داخلة على المقصور.
[3] قوله: [كأنك إلخ] ½كأنّ¼ هنا للتحقيق. قوله ½من بين الأشخاص¼ متعلِّق مقدّم بقوله الآتي: ½مختصًّا¼. قوله ½متفرِّداً به¼ أي: متفرِّداً في الذكر.
[4] قوله: [والمعنى ههنا إلخ] أي: ومعنى تخصيص المسند إليه بالمسند. قوله ½من بين ما يصحّ اتّصافه إلخ¼ أي: من بين الأفراد التي يمكن عقلاً اتّصافها إلخ. قوله ½يَثبُت¼ على صيغة المعلوم من الثبوت لا على صيغة المجهول من الإثبات لأنّ المستفاد من ضمير الفصل هو القصر في الثبوت لا في الإثبات.
[5] قوله: [ولا يكفي في التقديم إلخ] أي: لا يكفي صاحبَ علم المعاني أن يقتصر في بيان نكتة التقديم على الاهتمام بل ينبغي أن يبيّن سببه ليعلم المتعلِّم الجهاتِ المعتبرةَ عند البلغاء المقتضيةَ للاهتمام. قوله ½وبأيّ سبب¼ عطف تفسير. قوله ½فلذا فصله¼ أي: بيّنه, والضمير لوجه الاهتمام وسببه.