البلاغةِ) هو المعاني والبيان[1] (و) علم (توابعِها) هو البديع (من أجلِّ العلوم قدراً وأدقِّها سرًّا إذ به) أي: بعلم البلاغة وتوابعها[2] لا بغيره من العلوم كاللغة والصرف والنحو (يعرف دقائق العربيّة وأسرارها) فيكون[3] من أدقّ العلوم سرًّا (ويكشف عن وجوه الإعجاز في نظم القرآن أستارها) أي: به[4] يعرف أنّ القرآن مُعجِز لكونه في أعلى مراتب البلاغة لاشتماله على الدقائق والأسرار الخارجة عن طوق البشر، وهذا[5] وسيلة إلى تصديق النبيّ
[1] قوله: [هو علم المعاني والبيان] أشار به إلى أنّ المراد بعلم البلاغة علم له زيادة تعلّق بها بأنْ دوّن لأجلها وهو علم المعاني والبيان فلا يشمل علم البلاغة غيرَهما. قوله ½علم¼ إشارة إلى أنّ قوله ½توابعها¼ مجرور عطفاً على ½البلاغة¼. قوله ½هو البديع¼ إشارة إلى أنّ المراد بعلم توابع البلاغة علم له تعلّق بتوابعها بأن يبحث فيه عنها, وتوابعُ البلاغة هي الوجوه المحسِّنة للكلام البليغ وما يبحث فيه عنها هو علم البديع.
[2] قوله: [أي: بعلم البلاغة وتوابعها] إشارة إلى مرجع الضمير. قوله ½لا بغيره¼ إشارة إلى أنّ تقديم ½به¼ على عامله وهو ½تعرف¼ للحصر. قوله ½من العلوم¼ إشارة إلى أنّ هذا الحصر إضافيّ بالنسبة إلى العلوم لا حقيقيّ بالنسبة إلى جميع ما عدا علم البلاغة وتوابعها؛ إذ قد تعرف دقائق العربيّة بالإلهام أو السليقة.
[3] قوله: [فيكون إلخ] إشارة إلى أنّ قوله ½إذ به يعرف إلخ¼ دليل للجزء الأوّل من الدعوى وهو كون علم البلاغة وتوابعها من أدقّ العلوم سرًّا, وههنا بحث وهو أنّ دقّة المعلوم تستلزم دقّة العلم لا أدقّيّته, والجواب أنّ دقائق العربيّة من أدقّ الدقائق وأدقّيّة المعلوم تستلزم أدقّيّة الطريق الموصِل إليه.
[4] قوله: [أي: به] إشارة إلى أنّ قوله ½يكشف¼ عطف على ½يعرف¼. قوله ½يعرف أنّ القرآن معجز¼ إشارة إلى أنّ المراد بكون هذا العلم يكشف به الأستار عن وجوه إعجاز القرآن معرفةُ أنه معجز على طريق الكناية؛ لأنه يلزم من كشف الأستار عن وجوه الإعجاز معرفة وجوه الإعجاز ويلزم من معرفتها معرفة أنّه معجز. قوله ½لكونه¼ علّةٌ لكونه معجزاً, ½لاشتماله¼ علّة لكونه في أعلى مراتب البلاغة.
[5] قوله: [وهذا] أي: معرفة الإعجاز, ½وهو¼ أي: تصديق النبيّ, ½بجميع السعادات¼ أي: الدنيويّة والأخرويّة قوله ½فيكون إلخ¼ إشارة إلى أنّ قوله ½ويكشف إلخ¼ دليل للجزء الثاني من الدعوى وهو كون هذا العلم من أجلّ العلوم قدراً, ½معلومه¼ أي: ما يعلم منه وهو كون القرآن معجزاً, ½وغايته¼ أي: غاية هذا العلم وهي الفوز بالسعادات, ½من أجلّ إلخ¼ وجلالةُ العلم بجلالة معلومه وغايته.