عنوان الكتاب: مختصر المعاني

هَذَا الَذِيْ تَرَكَ الأوْهَامَ حَائِرَةً * وَصَيَّرَ الْعَالِمَ النِحْرِيْرَ) أي: المُتْقِن من ½نَحَرَ الأُمورَ عِلماً¼[1] أَتقنَها (زِنْدِيْقاً) كافراً نافياً للصانع العدل الحكيم، فقوله: ½هذا¼ إشارة إلى حكم سابق غيرِ محسوس وهو كون العاقلِ محروماً والجاهلِ مرزوقاً، فكان القياس فيه الإضمار[2] فعدل إلى اسم الإشارة لكمال العناية بتمييزه[3] لِيُرِيَ السامعين أنّ هذا الشيء المتميّز المتعيّن هو الذي له الحكم العجيب وهو جعل الأوهامِ حائرةً والعالِمِ النحرِير زنديقاً، فالحكم البديع هو الذي أثبت للمسندِ إليه المعبّرِ عنه باسم الإشارة[4] (أو التهكّمِ) عطف على ½كمال العناية¼ (بالسامع كما إذا كان) السامع (فاقِدَ البصر) أو لا يكون[5] ثمّة مشار إليه أصلاً


 



[1] قوله: [عِلْماً] تمييز محوَّل عن المفعول والأصل: ½نحر علمَ الأمور¼ أي: أتقنه, كما في قوله تعالى: ﴿وَفَجَّرۡنَا ٱلۡأَرۡضَ عُيُونٗا﴾ [القمر:١٢], أي: فجّرنا العيونَ في الأرض, ثمّ النحر في الأصل هو الذكاة على وجه مخصوص فتفسيره بالإتقان مجاز علاقته المشابهة في إزالة ما به الضرر فإنّ الإتقان يزيل الشكوك والشبهات كما أنّ النحر يزيل الدماء والرطوبات التي في الحيوان.

[2] قوله: [فكان القياس فيه الإضمار] لأنّ الإشارة حقيقة في المحسوس والحكم السابق غير محسوس فكان القياس أن يقول ½هو الذي ترك إلخ¼ بالإضمار.

[3] قوله: [لكمال العناية بتمييزه] أي: لإفادة الاعتناء الكامل بتمييزه حيث أبرزه في معرض المحسوس. قوله ½لِيُرِيَ السامعين¼ علّة لكمال العناية. قوله ½هذا الشيء¼ أي: كون العاقل محروماً والجاهل مرزوقاً.

[4] قوله: [المعبّرِ عنه باسم الإشارة] وذلك المسند إليه هو كون العاقلِ محروماً والجاهلِ مرزوقاً, والحكم البديع المختصّ به أي: الثابت له هو جعل الأوهامِ حائرة والعالمِ زنديقاً, وفيه ردّ على قول بعضهم إنّ الحكم البديع هو كون العاقل محروماً والجاهل مرزوقاً ومعنى اختصاص المسند إليه به كونه عبارة عنه وهذا تعسّف لأنه يلزم عليه اختصاص الشيء بنفسه, فالحقّ ما قاله الشارح.

[5] قوله: [أو لا يكون إلخ] مقابل لقوله ½فاقدَ البصر¼ أي: أو لا يكون السامع فاقدَ البصر ولكن لم يكن ثمّة مشار إليه كما إذا قال البصير: ½من جاء¼ فقيل: ½هذا¼ مشيراً إلى الخلاء, وإنما كان التعبير باسم الإشارة مفيداً للتهكّم لأنّ الإشارة إلى الأمر العدمي بما يشار به إلى المحسوس ممّا يدلّ على عدم الاعتناء بذلك الشخص. قوله ½أصلاً¼ تمييز محوَّل عن اسم ½كان¼ أي: لا يكون أصل المشار إليه ثمّة.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471