عنوان الكتاب: مختصر المعاني

أي: من غير باب المسند إليه: (﴿فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ[آل عمران:١٥٩]) لم يقل: ½عليّ¼[1] لِما في لفظ ½الله¼ من تقوية الداعي إلى التوكُّل عليه لدلالته على ذات موصوفة بالأوصاف الكاملة من القدرة الباهرة وغيرها (أو الاستعطافِ) أي: طلب العطف[2] والرحمة (كقوله: إِلَهِيْ عَبْدُكَ الْعَاصِيْ أَتَاكَا[3]) * مُقِرًّا بِالذُنُوْبِ وَقَدْ دَعَاكَا، لم يقل: ½أنا العاصي¼[4] لِما في لفظ ½عبدك¼ من التخضّعِ واستحقاقِ الرحمة وترقّبِ الشفقة (قال السكّاكي: هذا) أعني: نقل الكلام[5] عن الحكاية إلى الغَيبة (غيرُ مختصّ بالمسند إليه ولا) النقل مطلقاً[6] مختصّ (بهذا القدر) أي: بأن يكون عن الحكاية إلى الغيبة، ولا يخلو العبارة[7] عن تسامُحٍ


 



[1] قوله: [لم يقل ½عليّ¼] أي: مع أنّ المقام للتكلّم. قوله ½لما في لفظ الله إلخ¼ حاصله أنّ النبي مأمور بالتوكّل والداعي له على ذلك هو الذات العليّة وقد عبّر عن تلك الذات بالاسم الظاهر الدالّ على قوّة تلك الذات وعظمتها بخلاف ضمير المتكلِّم فإنه موضوع لكلّ متكلِّم.

[2] قوله: [أي: طلب العطف] إشارة إلى أنّ السين في الاستعطاف للطلب. قوله ½والرحمة¼ عطف تفسير.

[3] قوله: [أَتَاكَا] أي: أتى باب توبتك وهو الرجوع عن معصيتك إلى طاعتك, والألف للإشباع. قوله ½مُقِرًّا¼ أي: حال كونه معترفاً بالذنوب ولا عذر له في ارتكابها. قوله ½وَقَدْ دَعَاكَا¼ أي: سألك غفرانه.

[4] قوله: [لم يقل ½أنا العاصي¼] أي: على أنّ ½العاصي¼ بدل من ضمير المتكلِّم كما هو مذهب الأخفش, والجمهور يأبون إبدال الظاهر من ضمير المتكلِّمِ والمخاطبِ. قوله ½واستحقاق الرحمة¼ من عطف المسبّب على السبب وكذا قوله ½وترقّب الشفقة¼ وهو بمعنى الاستعطاف, وإنما زاد الشارح التخضّع واستحقاق الرحمة لبيان سبب الاستعطاف بلفظ العبد فظهر توافق كلامي الشارح والمصـ.

[5] قوله: [أعني: نقل إلخ] أفاد بهذا التفسير أنّ قوله ½هذا¼ إشارة إلى ما يفهم ضمناً من إيراد قولِه تعالى: ﴿فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ﴾, وقولِ الشاعر: ½إلهي عبدك إلخ¼ مثالاً لوضع المظهر موضع المضمر فإنه يتضمّن نقل الكلام من الحكاية إلى الغيبة.

[6] قوله: [مطلقاً] أي: عن التقييد بكونه من الحكاية إلى الغيبة وإن كان ظاهرُ العبارة التقييدَ, ويدلّ على هذا المراد قول المصـ ½بل كلّ من التكلّم إلخ¼. قوله ½بأن يكون إلخ¼ تفسير لـ½هذا القدر¼.

[7] قوله: [ولا يخلو العبارة إلخ] أي: ولا يخلو قوله ½ولا بهذا القدر¼ عن تسامُحٍ, وذلك لأنّ ظاهر معناه أنّه ليس النقل من الحكاية إلى الغيبة مختصًّا بالنقل من الحكاية إلى الغيبة, ولا يخفى فساده لاستلزامه سلبَ اختصاص الشيء بنفسه فيلزم وجود نفس الشيء في غيره وهو محال. وحاصل الجواب الذي أشار إليه الشارح بقوله ½ولا النقل مطلقاً¼ أنّا نُجرِّد النقل الأوّل عن قيده فيصير المعنى: أنّ النقل مطلقاً غير مختصّ بالنقل من الحكاية إلى الغيبة بل يكون النقل في غيره أيضاً.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471