السكّاكي لأنّ النقل عنده[1] أعمّ من أن يكون قد عُبِّر عنه بطريق من الطرق ثم بطريق آخر أو يكون مقتضى الظاهر أن يُعبَّر عنه بطريق منها فتُرك وعدل[2] إلى طريق آخر فيتحقّق الالتفات عنده بتعبير واحد وعند الجمهور مخصوص بالأوّل حتّى لا يتحقّق الالتفات بتعبير واحد، فكلّ التفات عندهم التفات عنده من غير عكس[3] كما في ½تَطَاوَلَ ليلُكَ¼ (مثال الالتفات من التكلم إلى الخطاب: ﴿وَمَا لِيَ لَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ﴾ [يس:٢٢]) ومقتضى الظاهر ½أرجع¼ والتحقيق[4] أنّ المراد ½مالكم لا تعبدون¼ لكن لمّا عبّر عنهم بطريق التكلّم كان مقتضَى ظاهرِ السوقِ إجراءَ باقي الكلامِ على ذلك الطريق فعدل عنه إلى طريق الخطاب فيكون التفاتاً على المذهبَين (و) مثال الالتفات من التكلّم (إلى الغَيبة: ﴿إِنَّآ أَعۡطَيۡنَٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ﴾ [الكوثر:١-٢]) ومقتضى الظاهر ½لَنَا¼[5] (و) مثال
[1] قوله: [لأنّ النقل عنده إلخ] أي: لأنّ النقل المسمّى بالالتفات عند السكّاكي إلخ. قوله ½من الطرق¼ أي: من الطرق الثلاثة من التكلّم والخطاب والغيبة.
[2] قوله: [فتُرك وعدل] أي: فتُرك طريق مقتضى الظاهر أن يعبّر عنه وعدل إلى طريق آخر كما في ½تطاول ليلك¼ فإنه كان مقتضى الظاهر أن يقول ½تطاول ليلي¼ فترك التكلّم إلى الخطاب. قوله ½مخصوص بالأوّل¼ أي: بأن يعبّر بطريق من الطرق الثلاثة بعد التعبير بطريق آخر منها.
[3] قوله: [من غير عكس] أي: ليس كلّ التفات عنده التفات عندهم كما في ½تَطَاوَلَ لَيْلُكَ¼ فإنّ فيه التفاتاً عنده لا عندهم, وأمّا عكسه عكساً منطقيًّا وهو بعض الالتفات عنده التفات عندهم فهو صحيح.
[4] قوله: [والتحقيق إلخ] بيانه أنّ المراد بـ½ما لي لا أعبد¼ ½ما لكم لا تعبدون¼ لأنّ المتكلِّم حبيب النجّار وهو من المؤمنين فالعبادة حاصلة منه بالفعل إلاّ أنه أقام نفسه مقام المخاطبين فنسب ترك العبادة إلى نفسه ليكون أدخل في النصح فإنه لا يريد لهم إلاّ ما يريد لنفسه, ففي قوله ½ما لي لا أعبد¼ التفات من الخطاب إلى التكلّم على مذهب السكّاكي, ولمّا عبّر عنهم بطريق التكلُّم كان مقتضى الظاهر أن لا يغيِّر الأسلوب بل يجري اللاحق على سَنَن السابق ويقول ½وإليه أرجع¼ لكنه لما قال: ﴿وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ﴾ كان التفاتاً من التكلّم إلى الخطاب على المذهبين أي: على مذهبي السكّاكي والجمهور.
[5] قوله: [مقتضى الظاهر ½لنا¼] لأنّ ﴿إِنَّآ أَعۡطَيۡنَٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ ﴾ تكلّم و﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ غيبة, ومن فوائد الالتفات هنا أنّ في لفظ الربّ حثًّا على المأمور به لأنّ من يربّيك يستحقّ العبادة.