على أنه خطاب للقلب فيكون التفاتاً آخَر[1] مِن الغَيبة إلى الخطاب (وَقَدْ شَطَّ) أي: بعُد (وَلْيُهَا) أي: قربُها (وَعَادَتْ عَوَادٍ بَيْنَنَا وَخُطُوْبُ) قال المرزوقي: ½عَادَتْ¼ يجوز أن يكون ½فاعلتْ¼[2] من المُعاداة، كأنّ الصوارف والخطوب صارت تُعاديه، ويجوز أن يكون مِن ½عاد يعود¼[3] أي: عادت عوادٍ وعوائقُ كانت تَحُول بيننا إلى ما كانت عليه قبلُ (و) مثال الالتفات من الخطاب (إلى الغَيبة) قوله تعالى: (﴿حَتَّىٰٓ إِذَا كُنتُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَرَيۡنَ بِهِم﴾ [يونس:٢٢]) والقياس ½بكم¼[4] (و) مثال الالتفات (من الغَيبة إلى التكلّم) قوله تعالى: (﴿وَٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَسُقۡنَٰهُ﴾ [فاطر:٩]) ومقتضى الظاهر ½سَاقَه¼ أي: ساق الله ذلك السحابَ أجراه إلى بلَد ميّت (و) مثال الالتفات من الغيبة (إلى الخطاب) قوله تعالى: (﴿مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعۡبُدُ﴾ [الفاتحة:٣-٤]) ومقتضى الظاهر ½إيّاه¼ (ووجهه) أي: وجه حسن الالتفات[5] (أنّ الكلام إذا نُقل من أُسلوب إلى أُسلوب آخَر كان) ذلك الكلام (أَحسنَ تطريةً) أي:
[1] قوله: [فيكون التفاتاً آخر] أي: غيرَ الاتفات المقرّر أوّلاً فيكون في البيت على هذا الاحتمال الأخير التفاتان. قوله ½من الغيبة إلى الخطاب¼ أي: من الغيبة في ½قَلْبٌ¼ إلى الخطاب في ½تُكَلِّفُنِيْ¼.
[2] قوله: [أن يكون ½فاعلتْ¼] أي: الذي يدلّ على المفاعلة من الجانبين فالأصل ½عَادَوَتْ¼ تحرّكت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً ثمّ حذفت الألف لالتقاء الساكنين. قوله ½كأنّ الصوارم¼ تفسير للعوادي والمراد بها العوائق والمعنى: عادتنا عوادٍ أي: صارت العوادي الحائلة بيننا وبينها أعداء لنا فتمنعنا من الوصول إليها.
[3] قوله: [أن يكون من ½عاد يعود¼] أي: مأخوذاً من مصدر ½عاد¼ وهو العود بمعنى الرجوع, ووزنه ½فَعَلَتْ¼ وأصله ½عَوَدَتْ¼ تحرّكت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً, وعلى هذا فلا حذف فيه. قوله ½وعوائق¼ عطف تفسير. قوله ½إلى ما كانت عليه قبلُ¼ أي: رجعت العوادي التي تحول بيننا إلى ما كانت عليه أوّلاً من الحيلولة بيننا, فقوله ½إلى ما كانت¼ متعلِّق بقوله ½عَادَتْ¼.
[4] قوله: [والقياس ½بكم¼] الظاهر أنّ تعبيره تارة بقوله ½ومقتضى الظاهر¼ وتارة بقوله ½والقياس¼ تفنّن.
[5] قوله: [أي: وجه حسن الالتفات] إشارة إلى مرجع الضمير وإلى أنّ في كلام المصـ حذفَ مضاف, وإلى أنّ قوله ½ووجهه¼ مرتبط بمحذوف والأصل: ½والالتفات حسن ووجه حسنه أنّ الكلام إلخ¼.