والمستقبلَ[1] وهو الزمان الذي يترقّب وجوده بعد هذا الزمان والحالَ وهو أجزاء من أواخر الماضي وأوائل المستقبل متعاقِبةً من غير مهلة وتراخ[2] وهذا أمر عرفي؛ وذلك[3] لأنّ الفعل دالّ بصيغته على أحد الأزمنة الثلاثة من غير احتياج إلى قرينة تدلّ على ذلك بخلاف الاسم فإنّه إنّما يدلّ عليه بقرينة خارجيّة كقولنا: ½زيد قائم الآن أو أمس أو غداً¼ ولهذا قال (على أخصرِ وجهٍ) ولمّا كان التجدّدُ[4] لازماً للزمان لكونه كمًّا غيرَ قارّ الذات أي: لا يجتمع[5]
[1] قوله: [والمستقبلَ] عطف على ½الماضي¼, وهو على صيغة اسم الفاعل كـ½الماضي¼ أو اسم المفعول وكلاهما منقول موافق للمعقول لأنّ الزمان يستقبلك كما تستقبله. قوله ½الذي يترقّب¼ أي: ينتظر أي: ما من شأنه أن ينتظر. قوله ½بعد هذا الزمان¼ أي: بعد زمانك الذي أنت فيه.
[2] قوله: [من غير مهلة وتراخ] أي: بين كلّ جزء وما يليه لا بين أوّل الأجزاء وآخرها إذ المهلة بينهما لازمة إذا طالت المدّة, وهذا توضيح لقوله ½متعاقبة¼ لا قيد آخر. قوله ½وهذا أمر عرفي¼ أي: مبنيّ على عرف أهل العربيّة لا مضبوط بحدّ معيّن فما يعدّونه حالاً فهو حال فتارة يكون طويلاً وتارة يكون قصيراً بحسب العرف في ذلك الفعل كما يقولون ½زيد يصلّي¼ والحال أنّ بعض صلاته ماضٍ وبعضها باقٍ فقد جعلوا الصلاة الواقعة في الآنات الكثيرة المتعاقبة واقعةً في الحال.
[3] قوله: [وذلك] أي: وكون المسند فعلاً للتقييد بأحد الأزمنة. قوله ½بصيغته¼ أي: بهيئته لا بمادّته لأنّ الفعل إنما يدلّ بمادّته على الحدث لا على الزمان. قوله ½بخلاف الاسم إلخ¼ جواب عمّا يقال إنّ التقييد بأحد الأزمنة يوجد في الاسم فكيف يُجعَل علّةً لكون المسند فعلاً, وحاصل الجواب أنّ العلّة هو التقييد به مع الأخصريّة وهو لا يوجد في الاسم.
[4] قوله: [ولمّا كان التجدّد إلخ] اعلم أنّ التجدّد يطلق على معنيين أحدهما حصولُ شيء بعد أنْ لم يكن وهو التجدّد الحدوثيّ, والثاني حصول شيء على وجه الاستمرار وهو التجدّد الاستمراريّ, والمعتبر في مفهوم الفعل هو الأوّل واللازم للزمان هو الثاني, وظاهر كلام الشرح والمتن أنّ الفعل يفيد التجدّد اللازم للزمان بالالتزام وليس كذلك لأنّ هذا التجدّد غير معتبر في مفهوم الفعل ولا لازم له بل إنما يستفاد من الفعل المضارع بحسب القرينة والمقام.
[5] قوله: [أي: لا يجتمع إلخ] تفسير لقوله ½غير قارّ الذات¼. قوله ½والزمانُ جزءاً¼ عطف على قوله ½التجدّدُ لازماً¼. قوله ½مفيداً للتجدّد¼ أي: للتجدّد الحدوثيّ لأنّه المدلول للفعل لا الاستمراريّ.