خارج عن الخبريّةِ واحتمالِ الصدق والكذب وإنّما الخبر هو مجموعُ الشرط والجزاء المحكومُ فيه بلزوم الثاني للأوّل فإنّما هو اعتبار المَنطِقيِّين فمفهومُ قولنا ½كلّما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود¼ باعتبار أهل العربيّة الحكمُ بوجود النهار في كلّ وقت من أوقات طلوع الشمس فالمحكوم عليه هو النهار والمحكوم به هو الموجود، وباعتبار المنطقيّين الحكمُ بلزوم وجود النهار لطلوع الشمس فالمحكوم عليه طلوع الشمس والمحكوم به وجود النهار[1] فكَم مِن فرْق بين الاعتبارَين (ولكن لا بدّ من النظر ههنا في ½إنْ¼ و½إذَا¼ و½لَوْ¼) لأنّ فيها أبحاثاً كثيرة[2] لم يتعرّض لها في علم النحو (فـ½إنْ¼ و½إذا¼ للشرط في الاستقبال لكن أصل ½إنْ¼ عدمُ الجزْم بوقوع الشرط) فلا يقع في كلام الله تعالى على الأصل[3] إلاّ حكايةً أو على ضَربٍ من التأويل (وأصل ½إذَا¼ الجزْم) بوقوعه، فـ½إنْ¼ و½إذا¼ يشتركان في الاستقبال بخلاف ½لَوْ¼ ويفترقان بالجزْمِ بالوقوع وعدمِ الجزْم به،
[1] قوله: [وجود النهار] أي: لزوم وجود النهار لأنهم إنما يحكمون باللزوم لا بالوجود. قوله ½فكَم مِن فرْق بين الاعتبارَين¼ فبينهما فرق في المحكوم عليه وفرق في المحكوم وفرق في الحكم فإنّك إذا قلت ½إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود¼ فعند أهل العربيّة ½النهار¼ محكوم عليه و½موجود¼ محكوم به والشرط قيد له ومفهوم القضية أنّ الوجود يثبت للنهار على تقدير طلوع الشمس فالجزاء باق على ما كان عليه من الخبريّة, وأمّا عند المنطقيّين فالمحكوم عليه هو الشرط والمحكوم به هو الجزاء ومفهوم القضية الحكم بلزوم الجزاء للشرط فكلّ من الطرفين قد انخلع عن الخبريّة.
[2] قوله: [أبحاثاً كثيرة] واعتبارات لطيفة محتاجة إلى البيان فإنّ معانيها المذكورة في علم النحو لا تكفي في بيان الأغراض المفادة لها.
[3] قوله: [على الأصل] وهو عدم الجزم بوقوع الشرط لأنه تعالى عالم بحقائق الأشياء على ما هي عليه فيستحيل في حقّه تعالى الشكّ والتردّد في شيء مّا. قوله ½إلاّ حكاية¼ أي: عن الغير كما في ﴿قَالُوٓاْ إِن يَسۡرِقۡ فَقَدۡ سَرَقَ أَخٞ لَّهُۥ مِن قَبۡلُۚ﴾ [يوسف:٧٧] قوله ½أو ضرب من التأويل¼ مثل سوق المعلوم مساق المشكوك أو كون المخاطب غير جازم إلى غير ذلك نحو ﴿وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ﴾ [الأعراف:١٣١].