أي: جدب وبلاء[1] (يَطَّيَّرُواْ) أي: يتشاءموا (بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥٓۗ﴾ [الأعراف:١٣١]) مِن المؤمنين، جِيءَ في جانب الحسنة بلفظ الماضي معَ ½إذَا¼ (لأنّ المراد بـ½الحسنة¼ الحسنةُ المطلقة) التي حصولها مقطوع به (ولهذا عُرّفت) الحسنةُ (تعريفَ الجنس) أي: الحقيقةِ[2] لأنّ وقوع الجنس كالواجب لكثرته واتّساعه لتحقّقه في كلّ نوع بخلاف النوع، وجِيءَ في جانب السيئة بلفظ المضارع مع ½إنْ¼ لِما ذكره بقوله (والسيِّئة نادرة بالنسبة إليها) أي: إلى الحسنة المطلقة (ولهذا نُكّرت) السيّئة ليدلّ على التقليل[3] (وقد تستعمل ½إنْ¼ في) مقام (الجزم) بوقوع الشرط (تَجاهُلاً) كما إذا سُئِل العبد عن سيِّده: ½هل هو في الدار¼ وهو يعلم أنه فيها فيقول: ½إن كان فيها أُخبرُك¼ فيتجاهل خوفاً من السيِّد[4] (أو لعدَم جزْم المخاطَب[5]) بوقوع الشرط فيُجري الكلام
[1] قوله: [أي: جدب وبلاء] لم يأت بالكاف هنا إشارةً إلى انحصار السيّئة في هذين فيكون المراد بالسيّئة نوعاً مخصوصاً. قوله ½أي: يتشاءموا¼ التشاؤم ترقّب حصول المكروه. قوله ½من المؤمنين¼ بيان ½مَنْ¼.
[2] قوله: [أي: الحقيقةِ] أي: المتحقِّقة في ضمن فرد غير معيّن فاللام في الحسنة للعهد الذهني. قوله ½لأنّ وقوع الجنس إلخ¼ علّة لقوله ½مقطوع به¼. قوله ½لكثرته واتّساعه¼ علّة للعلّة. قوله ½لتحقّقه إلخ¼ علّة للكثرة. قوله ½بخلاف النوع¼ أي: المعيّن كالجدب فإنه ليس مقطوعاً بوقوعه.
[3] قوله: [ليدلّ على التقليل] فيه إشكال لأنّ التقليل المدلول للتنكير هو قلّة الشيء بقلّة أفراده والتقليل المؤذن بعدم الجزم هو قلّة وقوع الشيء وإن كان عند وقوعه كثيراً فلا يصحّ أن يكون ما دلّ على أحدهما علّة للآخر, وأجيب بأنّ قلّة الأفراد تؤذن أيضاً بعدم الجزم بالوقوع فإنّ قليل الأفراد قريب الارتفاع عن الوجود بخلاف الكثير, فأحد التقليلين لازم للآخر.
[4] قوله: [فيتجاهل خوفاً من السيِّد] أي: فيظهر الجهل خوفاً من سيّده لكونه أوصاه أن لا يعلم أحداً بوجوده في الدار, وهذا التجاهل يُعدّ من نكات المعاني حيث اقتضاه الحال كما في المثال فإن كان إيراده لمجرّد الظرافة كان من البديع, فلا يرد ما قيل إنه من أنواع البديع فيكون ذكره هنا تطفّلاً.
[5] قال: [أو لعدم جزم المخاطب] عطف على قوله ½تجاهلاً¼ وإنما أتى باللام لأنّ من شرط نصب المفعول له أن يكون فعلاً لفاعل الفعل المعلَّل والتجاهل فعل المستعمِل فجاز نصبه فنصب وعدم الجزم فعل المخاطب فلم يجز نصبه فجرّ باللام. قال ½فماذا تفعل¼ أي: لا تقدر على ما يدفع خجلتك.