على سَنَن اعتقاده[1] (كقولك لمن يكذبّك ½إنْ صدقتُ فماذا تفعل¼) مع علمك بأنك صادق (أو تنزيله) أي: لتنزيل المخاطَب العالِم بوقوع الشرط (منزِلةَ الجاهل لمخالَفته مقتضى العِلْم) كقولك لمن يؤذي أباه: ½إنْ كان أباك فلا تؤذِه¼[2] (أو التوبيخِ) أي: لتعيير المخاطَب على الشرط (وتصويرِ أنّ المقام لاشتماله على ما يقلع الشرط عن أصله لا يصلح إلاّ لفرضه) أي: فرضِ الشرط (كما يفرض المُحال) لغرض من الأغراض (نحو ﴿أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ) أي: أنُهمِلكم فنَضرب[3] عنكم القرآنَ وما فيه من الأمر والنهي والوعد والوعيد (صَفۡحًا) أي: إعراضاً[4] أو للإعراض أو مُعرِضِين (أَن كُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّسۡرِفِينَ﴾ [الزخرف:٥]، فيمن قرأ
[1] قوله: [على سَنَن اعتقاده] أي: على مقتضى اعتقاد المخاطب.
[2] قوله: [إنْ كان أباك إلخ] فالمخاطب عالم بكونه أباه لكنّه لمّا خالف مقتضى علمه بإيذائه إيّاه نزّله المتكلِّم منزلة الجاهل فاستعمل ½إنْ¼ في مقام الجزم, ولك أن تعتبر في هذه الصورة تنزيلَ المتكلِّم نفسَه منزلة الشاكّ كأنّ إيذاء المخاطب أباه أوقعه في الشكّ, وفي هذا الاعتبار ملاحظة حال المتكلِّم كما هو الأصل في ½إِنْ¼ قوله ½لغرض من الأغراض¼ متعلِّق بـ½يفرض¼ أي: يفرض المحال لغرض من الأغراض كالتبكيتِ وإلزامِ الخصم والمبالغةِ ونحوِ ذلك.
[3] قوله: [أي: أفنُهمِلكم فنَضرب إلخ] إشارة إلى أنّ الفاء عاطفة على فعل مقدّر كما هو مذهب صاحب "الكشّاف", وسيبويه والجمهورُ على أنّ الهمزة من الجملة المعطوفة قدّمت على العاطف تنبيهاً على أصالتها في التصدير, وهذان الوجهان يجريان في كلّ جملة مقرونة بالفاء أو الواو أو ½ثمّ¼ مسبوقة بهمزة الاستفهام نحو ﴿أَوَ لَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ﴾ [الروم:٩]، و﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ﴾ [يونس:٥١]، قوله ½وما فيه¼ عطف على ½القرآنَ¼ من عطف الخاصّ على العامّ. قوله ½من الأمر إلخ¼ بيان لـ½مَا¼.
[4] قوله: [أي: إعراضاً] إشارة إلى أنّ الصفح بمعنى الإعراض وأنّ ½صفحاً¼ مفعول مطلق من غير لفظه لـ½نضرب¼ لأنّ معناه وهو ترك إنزال الذكر يتضمّن الإعراض أو لـ½نُعرِض¼ المقدّر. قوله ½أو للإعراض¼ إشارة إلى أنّه يحتمل أن يكون مفعولاً له بناء على أنّ فاعل الإعراض هو الله تعالى أو على تقدير ½اعتباراً لإعراضكم¼ فيتّحد فاعله وفاعل الفعل المعلَّل وهو ½نضرب¼. قوله ½أو مُعرِضِين¼ إشارة إلى أنه يحتمل أيضاً أن يكون حالاً بمعنى الفاعل.