وأمّا عدم الجزم[1] بلاوقوعِ الشرط فلم يتعرّض له لكونه مشتركاً بين ½إذا¼ و½إنْ¼، والمقصود بيان وجهِ الافتراق (ولذلك) أي: ولأنّ أصل ½إنْ¼ عدمُ الجزم بالوقوع (كان) الحكم (النادر) لكونه غيرَ مقطوع به[2] في الغالب (موقعاً لـ½إنْ¼ و) لأنّ أصل ½إذَا¼ الجزمُ بالوقوع (غلب لفظ الماضي) لدلالته[3] على الوقوع قطعاً نظراً إلى نفس اللفظ وإن نُقل ههنا إلى معنى الاستقبال (مع ½إذا¼ نحو: ﴿فَإِذَا جَآءَتۡهُمُ) أي: قوم موسى (ٱلۡحَسَنَةُ) كالخِصْب والرخاء[4] (قَالُواْ لَنَا هَٰذِهِۦۖ) أي: هذه مختصّة بنا[5] ونحن مستحقّوها (وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ)..................
[1] قوله: [وأمّا عدم الجزم إلخ] جواب سؤال مقدّر حاصله أنه كما أنّ ½إِنْ¼ لعدم الجزم بوقوع الشرط كذلك هي لعدم الجزم بلاوقوعه وكما أنّ ½إِذَا¼ للجزم بوقوع الشرط كذلك هي لعدم الجزم بلاوقوعه فعدم الجزم باللاوقوع مشترك بينهما فلم لم يتعرّض له المصـ, وحاصل الجواب أنّ المصـ بصدد بيان ما به الافتراق فلا وجه لذكر ما به الاشتراك, لكن بقي هنا شيء وهو أنّ عدم الجزم بلاوقوع الشرط في ½إذا¼ لوجود الجزم بوقوعه وعدم الجزم بلاوقوع الشرط في ½إنْ¼ لوجود الشكّ فبينهما فرق.
[2] قوله: [لكونه غيرَ مقطوع به] علّة لكون الحكم نادراً. قوله ½في الغالب¼ متعلِّق بـ½كونه¼ وإنما قيّد به لأنّ النادر قد يقطع بوقوعه كيوم القيامة فإنه نادر ومع ذلك مقطوع به, وإنما كان يوم القيامة نادراً لأنه لا يحصل إلاّ مرّة والنادر هو ما يقلّ وقوعه جدًّا كأنْ يقع مرّة أو مرّتين.
[3] قوله: [لدلالته] أي: لدلالة لفظ الماضي, والمراد بلفظ الماضي اللفظ الدالّ على الزمان الماضي سواء كان الفعل ماضياً أو مضارعاً مع ½لَمْ¼ ولذا لم يقل المصـ ½الماضي¼ لئلاّ يتبادر منه الفعل الماضي. قوله ½نظراً إلى نفس اللفظ¼ أي: الدالّ على الوقوع في الزمان الماضي. قوله ½ههنا¼ أي: مع ½إذا¼. قوله ½إلى معنى الاستقبال¼ لأنّ ½إذا¼ الشرطيّة تقلب الماضي إلى معنى الاستقبال.
[4] قوله: [كالخِصْب والرخاء] الخِصْب بكسر الخاء يقال للسنة الكثيرة المطر فعطف الرخاء عليه من عطف اللازم على الملزوم, وإنما أتى بالكاف إشارة إلى أنّ الحسنة لا تنحصر فيهما فإنّ من الحسنة نمو الأموال وصحّة الأبدان وكثرة الأولاد وغير ذلك.
[5] قوله: [مختصّة بنا] أخذ الاختصاص من تقديم المسند وهو ½لَنَا¼ على المسند إليه وهو ½هذه¼. قوله ½ونحن مستحقّوها¼ أخذ الاستحقاق من جعل اللام في ½لَنَا¼ للاستحقاق, وفيه إشارة إلى أنّهم ادّعوا اختصاص الحسنة بهم بحسب الاستحقاق لا بحسب الوقوع فإنّ الحسنة لم تكن مختصّة بهم.