فغلّب جانب الخطاب[1] على جانب الغيبة (ومنه) أي: ومن التغليب (½أَبَوان¼) للأب والأمّ (ونحوه) كـ½العُمَرَينِ¼ لأبي بكر وعمر[2] رضي الله عنهما و½القَمرَينِ¼ للشمس والقمر، وذلك[3] بأن يغلّب أحد المتصاحبَين أو المتشابهَين على الآخَر بأن يجعل الآخَر متّفقاً له في الاسم ثم يُثنّى ذلك الاسم ويقصد إليهما[4] جميعاً فمِثل ½أبوان¼ ليس من قَبيل قوله تعالى: ﴿وَكَانَتۡ مِنَ ٱلۡقَٰنِتِينَ﴾ [التحريم:١٢]، كما توهّمه بعضهم؛ لأنّ الأُبُوّة ليست صفة مشتركة بينهما كالقنوت، فالحاصل أنّ مخالفة الظاهر في مثل ½القانتين¼ من جهة الهيئةِ[5]
[1] قوله: [فغلِّب جانب الخطاب إلخ] وفيه أنّ المثال المذكور من قبيل الالتفات لا من قبيل التغليب لأنّ ½قوم¼ اسم ظاهر غائب فلمّا عدل عنه إلى الخطاب في ½تجهلون¼ فقد تحقّق الالتفات. وجوابه أنّا لا نسلِّم أنه من الالتفات لأنّ للفظ ½قوم¼ جهتين: جهة غيبة لكونه اسماً ظاهراً وجهة خطاب لكونه محمولاً على ½أنتم¼ ومراعاة كلٍّ منهما تجري على مقتضى الظاهر فلا تكون التفاتاً.
[2] قوله: [لأبي بكر وعمر] اعلم أنّ مثل هذا التغليب يسمّى تغليب التثنية وظاهر كلام القوم أنه سَماعيّ بل صرّح به بعضهم حيث قال ما ورد من تثنية مختلفي اللفظ كـ½القمرين¼ يحفظ ولا يقاس عليه.
[3] قوله: [وذلك] أي: وكيفيّة التغليب. قوله ½بأن يغلّب¼ تصوير لكيفيّة التغليب. قوله ½أحد المتصاحبَين¼ كما في ½عمرَين¼. قوله ½أو المتشابهَين¼ كما في ½القمرَين¼. قوله ½بأن يجعل إلخ¼ تفسير لتغليب أحد الأمرين على الآخر. قوله ½متّفقاً له¼ أي: متّفقاً معه.
[4] قوله: [ويقصد إليهما] أي: ويطلق عليهما, وليعلم أنه يغلّب الأكثر على الأقلّ والأشرف على الأخسّ والأثقل على الأخفّ والمذكّر على المؤنَّث والمتكلِّمُ على الغائبِ والمخاطبِ والمخاطبُ على الغائب من غير عكس, ولا تُخالَف تلك القاعدة إلاّ لنكتة كما في تسمية الشخص الذي يعمل بيديه جميعاً بـ½ذا الشمالين¼ مع أنّ اليمين أشرف لأنّ مخالفة العادة إنما حصلت بعمل الشمال.
[5] قوله: [من جهة الهيئةِ] لأنّ هيئة ½قانتين¼ غير هيئة ½قانتات¼. قوله ½والصيغةِ¼ عطف تفسير للهيئة أي: وليست المخالفة فيه من جهة المادّة لأنّ مادّة القنوت مشتركة بين الذكر والأنثى. قوله ½وفي مثل إلخ¼ أي: والمخالفة في مثل ½أبوان¼ من جهة المادّةِ لأنّ مادّة الأب غير مادّة الأمّ.