بأنّ التقييد بالشرط يدلّ على نفي الحكم عند انتفائه إنّما يقولون به إذا لم يَظهر للشرط فائدة أخرى[1] ويجوز أن يكون فائدته في الآية المبالغةَ في النهي عن الإكراه يعني: أنّهنّ[2] إذا أردن العفّة فالمولى أحقُّ بإرادتها، وأيضاً دلالةُ الشرط[3] على انتفاء الحكم إنّما هو بحسَب الظاهر والاجماعُ القاطع على حرمة الإكراه مطلقاً قد عارضَه والظاهرُ يُدفَع بالقاطع (قال السكّاكي أو للتعريض) أي: إبراز[4] غيرِ الحاصل في معرِض الحاصل إمّا لِما ذُكِر وإمّا للتعريض بأن ينسب[5] الفعل إلى واحد والمراد غيره (نحو) قوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ(لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر:٦٥]) فالمخاطَب هو النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وعدَم إشراكه مقطوع به[6] لكن جِيءَ بلفظ الماضي إبرازاً للإشراك الغير
[1] قوله: [فائدة أخرى] أي: سوى إخراج ما لم يكن فيه الشرط عن الحكم.
[2] قوله: [يعني: أنهنّ] أي: الآماء. قوله ½إذا أردن العفّة¼ أي: مع شدّة ميلهنّ وشهوتهنّ ومع نقصهنّ. قوله ½فالمولى أحقّ بإرادتها¼ أي: لكماله وقلّة ميله بالنسبة إليهنّ, أي: فالمقصود بالقيد هنا توبيخ الموالي بذكر ما يظهر به فضيحتهم فلا مفهوم له.
[3] قوله: [وأيضاً دلالةُ الشرط إلخ] أي: وأجيب أيضاً بأنّ دلالة الشرط إلخ. وحاصله أنّه لو سلِّم دلالة الآية على انتفاء حرمة الإكراه عند انتفاء الشرط فتلك الدلالة إنما هي بحسب الظاهر نظراً للمفهوم المخالف وقد عارض هذا المفهومَ الإجماعُ القاطع ومن المقرّر أنه إذا تعارض أمران أحدهما قاطع والثاني ظاهر فالظاهر يدفع بالقاطع.
[4] قوله: [أي: إبراز إلخ] فيه إشارة إلى أنّ قوله ½للتعريض¼ عطف على قوله ½لقوّة الأسباب¼.
[5] قوله: [بأن ينسب إلخ] تصوير للتعريض. قوله ½والمراد غيره¼ ولا بدّ أن تكون تلك النسبة على وجه يفهم منه ما قُصِد وإلاّ فقولك: ½جاءني زيد¼ مريداً ابنه ليس من التعريض في شيء.
[6] قوله: [مقطوع به] أي: في جميع الأزمنة لأنّ الأنبياء معصومون قبل البعثة وبعدها. قوله ½بلفظ الماضي¼ أي: وإن كان المعنى على الاستقبال. قوله ½للإشراك الغير الحاصل¼ أي: من النبيّ. قوله ½في مَعرِض الحاصل¼ أي: من النبيّ. قوله ½على سبيل الفرض¼ متعلِّق بالحاصل الثاني, وإنما احتيج إلى هذا القيد لأنه لم يحصل منه عليه السلام إشراك في الماضي أصلاً.