الحاصل في مَعرِض الحاصل على سبيل الفرضِ والتقديرِ تعريضاً لمن صَدر عنهم الإشراكُ[1] بأنه قد حَبطتْ أعمالُهم كما إذا شَتَمك أحد فتقول: ½والله إنْ شتمني الأميرُ لأَضربنّه¼، ولا يخفى[2] أنّه لا معنى للتعريض بمن لم يَصدر عنهم الإشراك وأنّ ذِكر المضارع لا يفيد التعريضَ لكونه على أصله، ولمّا كان في هذا الكلام[3] نوعُ خَفاء وضعف نَسَبه إلى السكّاكي[4] وإلاّ فهو قد ذَكر جميعَ ما تقدّم، ثم قال (ونظيره) أي: نظير ﴿لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ﴾ [الزمر:٦٥] (في التعريض) لا في استعمال الماضي مقام المضارع في الشرط للتعريض قولُه
[1] قوله: [تعريضاً لمن صدر عنهم الإشراك إلخ] في التعريض هنا فائدتان الأولى أنّ الإشراك إذا كان محبطاً لعمل من هو أعلى مرتبة عند الله فما حال غيره, والثانية أنّ الكفّار لا يستحقّون الخطاب كالبهائم ففي ذلك غاية الإذلال لهم. قوله ½قد حَبطتْ أعمالُهم¼ وذلك لتحقّق سببه فيهم. قوله ½فتقول: إنْ شتمني إلخ¼ أي: تعريضاً بأنّ من شتمك يستحقّ الضرب وأنك لتضربنّه.
[2] قوله: [ولا يخفى إلخ] ردّ لما زعمه الخلخالي من أنّ التعريض عامّ لمن صدر منهم الإشراك في الماضي ولغيرهم وذا يحصل بذكر المضارع أيضاً أعني ½لئن تشرك¼ فلا يكون العدول عن المضارع إلى لفظ الماضي للتعريض كما قال السكّاكي, ووجه الردّ أنّ من لم يشرك لم يستحقّ التعريض لأنّ المقصود من التعريض التوبيخ وهو إنما يكون على ما وقع من القبيح لا على ما سيقع, والتعريض إنما يفهم ممّا خالف مقتضى الظاهر فالمضارع لكونه على الأصل لا يفيد التعريضَ.
[3] قوله: [في هذا الكلام] أي: في قوله ½أو للتعريض كقوله تعالى إلخ¼. قوله ½نوعُ خَفاء وضعف¼ أمّا الخَفاء أي: الدقّة فظاهر, وأمّا الضعف فإمّا لتوهّم أنّ التعريض يحصل بصيغة المضارع أيضاً كما ذكره الخلخاليّ وقد عرفت اندفاعه عند الشارح, وإمّا لما ذكره الزوزنيّ من أنّ اللام الموطئة تُوجِب كونَ الشرط ماضياً لما تقرّر في النحو من أنّ الجواب لمّا كان للقسم لتقدّمه الدالِّ على الاهتمام قصد أن لا يكون حرف الشرط عاملاً لفظاً فأوجب أن يكون الشرط ماضياً فلا مدخل في التعريض لكون الشرط ماضياً, وهذا أيضاً مدفوع بأنّه لا تنافي بين المقتضِيات فجاز تعدّدها.
[4] قوله: [نَسَبه إلى السكّاكي] أي: للتبرّي منه أو لأجل أن تتأمّل النفس حتّى تدرك المقصود ولا تنفر بمجرّد الخَفاء والضعف فإنّه مقول هذا الإمام الكبير.