½لو جئتَني لأكرمتُك¼ معلِّقاً الإكرامَ بالمَجيء مع القطع بانتفائه فيلزم انتفاء الإكرام، فهي لامتناع الثاني أعني الجزاء لامتناع الأوّل أعني الشرط، يعني: أنّ الجزاء منتفٍ بسبب انتفاء الشرط هذا[1] هو المشهور بين الجُمهور، واعتَرض عليه ابن الحاجب بأنّ الأوّلَ سبب والثانيَ مسبَّب وانتفاءُ السبب لا يدلّ على انتفاء المسبَّب لجواز[2] أن يكون للشيء أسبابٌ متعدِّدة بل الأمر بالعكس لأنّ انتفاء المسبّب يدلّ على انتفاء جميع أسبابه فهي لامتناع الأوّل لامتناع الثاني أَلاَ تَرى أنّ قوله تعالى: ﴿لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ﴾ [الأنبياء:٢٢]، إنّما سِيقَ ليُستدلّ بامتناع الفساد[3] على امتناع تعدّد الآلهة دون العكس، واستحسن المتأخّرون رأيَ ابنِ الحاجب حتّى كادُوا يجمعون على أنها لامتناع الأوّل لامتناع الثاني؛ إمّا لِما ذَكره[4]
[1] قوله: [هذا] أي: كون ½لَوْ¼ لامتناع الثاني لامتناع الأوّل هو المشهور. واعلم أنّ في ½لَوْ¼ استعمالات أربعة الأوّل أنها لا تقتضي الامتناع أصلاً بأن تستعمل لمجرّد الوصل والربط كـ½إنْ¼ الوصليّة نحو ½زيد ولو كثر ماله بخيل¼, والثاني أنها للترتيب الخارجيّ فتكون لامتناع الثاني لامتناع الأوّل, والثالث أنها للاستدلال العقليّ فتكون لامتناع الأوّل لامتناع الثاني, والرابع أنها لبيان استمرار شيء بربطه بأبعد النقيضين نحو ½لو لم يخَفِ الله لم يعصه¼.
[2] قوله: [لجواز إلخ] هذا مبنيّ على جواز تعدّد العلل لمعلول واحد كالإرث فإنّ له أسباباً ثلاثة. قوله ½أسباب متعدِّدة¼ أي: تامّة كلّ واحد منها كافٍ في وجود المسبَّب. قوله ½بل الأمر بالعكس¼ أي: بل انتفاء المسبَّب يدلّ على انتفاء السبب. قوله ½يدلّ على انتفاء جميع أسبابه¼ لأنّ السبب التامّ يستحيل وجوده بدون مسبَّبه. قوله ½فهي لامتناع الأوّل إلخ¼ أي: وليس الأمر على العكس.
[3] قوله: [ليُستدلّ بامتناع الفساد إلخ] وذلك لأنّ المعلوم هو امتناع الفساد لكونه مشاهداً وإنما يستدلّ بالمعلوم على المجهول دون العكس. قوله ½دون العكس¼ أي: لأنه لا يلزم من انتفاء تعدّد الآلهة انتفاءُ الفساد أي: استحالتُه لصحّة وقوعه بإرادة الواحد القهّار لحكمة.
[4] قوله: [إمّا لِما ذَكره] أي: إنما استحسن المتأخِّرون رأيَ ابن الحاجب إمّا لما ذكره من أنّ الأوّل سبب والثاني مسبَّب وانتفاء السبب لا يدلّ على انتفاء المسبَّب بخلاف العكس.