وإمّا لأنّ الأوّلَ ملزوم والثانيَ لازم[1] وانتفاءُ اللازم يوجِب انتفاءَ الملزوم من غير عكس؛ لجواز أن يكون اللازم أعمَّ وأنا أقول[2] منشأ هذا الاعتراض قلّة التأمّل؛ لأنه ليس معنى قولِهم: ½لَوْ لامتناع الثاني لامتناع الأوّل¼ أنه يستدلّ بامتناع الأوّل على امتناع الثاني حتّى يَرِدَ عليه أنّ انتفاع السببِ أو الملزومِ لا يوجب انتفاع المسبَّب أو اللازم بل معناه أنها للدلالة[3] على أنّ انتفاء الثاني في الخارج إنّما هو بسبب انتفاء الأوّل فمعنى ½لو شاء الله لهداكم¼ أنّ انتفاء الهداية إنّما هو بسبب انتفاء المشيئة يعني أنها تستعمل للدلالة على أنّ علّة انتفاء مضمون الجزاء في الخارج هي انتفاء مضمون الشرط من غير التفات[4] إلى أنّ
[1] قوله: [وإمّا لأنّ الأوّلَ ملزوم والثانيَ لازم إلخ] كأنّهم عدلوا عمّا ذكره ابن الحاجب من سببيّة الأوّل للثاني لأنه قاصر لا يتأتّى في نحو ½لو كان النهار موجوداً كانت الشمس طالعة¼ إذ ليس وجود النهار سبباً لطلوع الشمس بل هو ملزوم له, إلاّ أنّ ما قالوه أيضاً لا يتمّ في نحو ½لو كان الماء حارًّا كانت النار موجودة¼ لأنّ الحرارة ليس ملزومة للنار لأنّها قد توجد بالشمس. قوله ½لجواز أن يكون اللازم أعمَّ¼ كما في قولك ½لو كانت الشمس طالعة كان الضوء موجوداً¼.
[2] قوله: [وأنا أقول] أي: في ردّ اعتراض ابن الحاجب على الجمهور. قوله ½منشأ هذا الاعتراض¼ أي: اعتراض ابن الحاجب على الجمهور. قوله ½قلّة التأمّل¼ في قولهم ½لَوْ لامتناع الثاني لامتناع الأوّل¼. قوله ½أنّه يستدلّ إلخ¼ أي: كما فهمه ابن الحاجب. قوله ½السبب أو الملزوم¼ المراد بهما هو الأوّل أي: الشرط, والتعبير الأوّل ناظر إلى ما ذكره ابن الحاجب والثاني ناظر إلى ما عدل إليه المتأخِّرون, وكذا المراد بالمسبَّب واللازم هو الثاني أي: الجزاء.
[3] قوله: [بل معناه أنها للدلالة إلخ] حاصله أنّ شرطَ ½لَوْ¼ وجزائَه كلاهما يكونان منتفيين في الخارج وإنما يؤتى بـ½لَوْ¼ لإفادة أنّ انتفاء الأوّل علّة في انتفاءِ الثاني في الخارج لا في العلمِ بانتفاء الثاني, وفيه أنّه منقوض بنحو قولنا ½لو كان هذا إنساناً لكان حيواناً¼ و½لو أضاءت الدار لطلعت الشمس¼ فإنّ انتفاء الإنسانيّةِ وإضاءةِ الدار ليس بعلّة لانتفاء الحيوانيّةِ وطلوعِ الشمس, اللهمّ إلاّ أن يقال أمثال هذه واردة على قاعدة المعقول وغير صحيحة بحسب اللغة.
[4] قوله: [من غير التفات إلخ] أي: لم يلتفت الجمهور في قولهم ½لو لامتناع الثاني لامتناع الأوّل¼ إلى أنّ امتناع الأوّل علّةٌ في العلم بامتناع الثاني ودليلٌ عليه كما زعمه ابن الحاجب فاعترض عليهم بما مرّ. قوله ½ألاَ تَرى أنّ قولهم إلخ¼ تنظير لِما قاله في ½لَوْ¼ وإنما أتى به لتوضيح المقام.