الجملة الاسميّة المثبتةَ تفيد تأكيد الثبوتِ ودوامِه والمنفيّةَ تفيد تأكيدَ النفي ودوامَه لا نفيَ التأكيدِ والدوامِ كقوله تعالى: ﴿وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ﴾[1] [البقرة:٨] ردًّا لقولهم: ﴿ءَامَنَّا﴾ على أبلغ وجهٍ وآكَدِه (كما في قوله تعالى: ﴿ٱللَّهُ يَسۡتَهۡزِئُ بِهِمۡ﴾ [البقرة:١٥]) حيث لم يقل ½الله مستهزئ بهم¼[2] قصداً إلى استمرارِ الاستهزاء وتجدّدِه وقتاً فوقتاً (و) دخولها على المضارع (في نحو ﴿وَلَوۡ تَرَىٰٓ) الخطاب لمحمّد عليه السلام أو لكلِّ مَن يتَأتّى منه الرؤيةُ[3] (إِذۡ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ﴾ [الأنعام:٢٧]) أي: أُروها[4] حتّى يُعايِنوها، أو اطّلعوا عليها اطّلاعاً هي
[1] قوله: [﴿وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ﴾] فالمراد منه تأكيد النفي لا نفي التأكيد لأنّه يفيد أنّ المنفيّ إنما هو إيمانهم المؤكَّد الدائم فلا ينافي ثبوتَ الإيمان لهم في الجملة وليس كذلك, ولأنّه لو أريد نفي التأكيد لم يكن ردًّا لقولهم ½آمنّا¼ لأنّ دعواهم حدوث الإيمان وحدوث الإيمان لا ينافيه عدم استمراره الذي هو مقتضى نفي التأكيد. قوله ½على أبلغ وجهٍ¼ متعلِّق بقوله ½ردًّا¼. قوله ½وآكَدِه¼ مرادف لما قبله.
[2] قوله: [حيث لم يقل ½الله مستهزئ بهم¼] أي: مع أنّه مقتضى الظاهر لأنه في مقابلة قولهم ½إنما نحن مستهزؤن¼, وفيه إشارة إلى أنّ التنظير من حيث مطلق العدول إلى المضارع وإن كان العدول هنا عن اسم الفاعل وفيما سبق عن الماضي. قوله ½وتجدّده وقتاً فوقتاً¼ تفسير لما قبله.
[3] قوله: [أو لكلِّ مَن يَتأتّى منه الرؤيةُ] أي: بناء على أنّ الخطاب موجّه لغير معيّن ففي التخصيص تسلية للرسول عليه السلام وفي التعميم تفضيح للكفّار لظهور بشاعة حالهم لكلّ أحد.
[4] قوله: [أي: أُروها إلخ] فسّر وقوفَهم على النار بثلاثة تفاسير بإراءتها وبالاطّلاع عليها وبالإدخال فيها. قوله ½فعرَفوا مقدارَ عذابها¼ راجع للتفاسير الثلاثة, وقال الزجّاج قوله تعالى: ﴿إِذۡ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ﴾ يحتمل ثلاثة أوجه الأوّل أن يكونوا قد وقفوا عندها حتّى يعاينوها فهم موقوفون إلى أن يدخلوها, الثاني أن يكونوا قد وقفوا عليها وهي تحتهم يعني أنهم وقفوا للنار على الصراط, وعلى هذين الوجهين ½وقفوا¼ من ½وقفت الدابّة¼, الثالث أنهم عرفوها من ½وقفت على كلام فلان¼ عرفت معناه.