و½هو الأمير في البلد¼ و½هو الواهب ألفَ قنطار¼، وجميع ذلك[1] معلوم بالاستقراءِ وتصفّحِ تراكيب البلغاء، وقوله: ½قد يفيد¼ بلفظ ½قَدْ¼ إشارة إلى أنه قد لا يفيد القصرَ كما في قول الخنساء[2]: إِذَا قَبُحَ الْبُكَاءُ عَلَى قَتِيْلٍ * رَأَيْتُ بُكَاءَكَ الْحَسَنَ الْجَمِيْلاَ، فإنه يعرف بحسَب الذوقِ السليم والطبعِ المستقيم والتدرّبِ في معرفة معاني كلام العـرب أنْ لـيس المعنى ههنا على القصر[3] وإن أمكن ذلك بحسب النظرِ الظاهر والتأمّلِ القاصر[4] (وقيل) في نحو ½زيد المنطلق¼ و½المنطلق زيد¼ (الاسمُ متعيّن للابتداء) تقدّم أو تأخّر (لدلالته على الذات والصفةُ) متعيّنة (للخبريّة) تقدّمتْ أو تأخّرتْ (لدلالتها على أمر نِسْبيّ) لأنّ معنى المبتدأ[5] المنسوبُ إليه ومعنى الخبر المنسوبُ والذاتُ هي المنسوبُ إليها والصفةُ هي المنسوبةُ فسواء قلنا ½زيد المنطلق¼ أو ½المنطلق زيد¼ يكون زيدٌ مبتدأً والمنطلقُ خبراً، وهذا رأي الإمام الرازيِّ قدّس الله سرّه (ورُدَّ بأنّ المعنى: الشخصُ الذي له الصفة صاحبُ الاسم) يعني: أنّ الصفةَ[6] تُجعَل دالّةً على الذات ومسنداً إليها والاسمَ يُجعَل دالاًّ على أمر نِسبيّ
[1] قوله: [وجميع ذلك إلخ] أي: جميع ما ذكر في هذا الحاصل. قوله ½وقوله ½قد يفيد¼ إلخ¼ بيان لفائدة العبارة. قوله ½إشارة إلخ¼ وذلك لأنّ لفظ ½قَدْ¼ سور القضية الجزئيّة.
[2] قوله: [كما في قول الخنساء] أي: في مرثية أخيها صخر. قولها ½عَلَى قَتِيْلٍ¼ أي: على أيِّ قتيل كان بقرينة المقام وإن كانت النكرة في سياق الإثبات لا تعمّ. قولها ½رَأَيْتُ بُكَاكَ¼ أي: بكائي عليك.
[3] قوله: [على القصر] أي: على قصر الحسن على البكاء وذلك لأنّ الكلام للردّ على من يتوهّم أنّ البكاء على المرثيّ قبيح كغيره فيكفي فيه مجرّد إخراج البكاء عن القبح إلى كونه حسناً.
[4] قوله: [والتأمّلِ القاصر] وهو أنّ التعريف في قولها ½الحسن الجميلا¼ لا يؤتى به بدلاً عن التنكير إلاّ لفائدة وهو هنا القصر, وأنت خبير بأنه غير مناسب للمقام كما تقدّم, بل إنما هو للإشارة إلى معلوميّة الحسن لذلك البكاء ادّعاءً.
[5] قوله: [لأنّ معنى المبتدأ إلخ] علّة للمعلَّل مع علّته أو علّة للعليّة.
[6] قوله: [يعني: أنّ الصفةَ إلخ] إشارة إلى حاصل الردّ وهو أنّ ½المنطلق¼ إذا قدّم وجعل مبتدأ لم يُرَد مفهومه المشتمل على أمر نسبيّ أي: ثبوت الانطلاق لشيء بل يراد به ذاته أي: ما صدق عليه, و½زيد¼ إذا أخِّر وجعل خبراً لم يُرَد به الذات بل يراد به مفهوم مسمّى بزيد وهو مشتمل على معنى نسبيّ وهو التسمية به فيكون الوصف مسنداً إلى الذات دون العكس, ثمّ هذا التأويل ظاهر على مذهب الكوفيين فإنهم ذهبوا إلى أنّ الخبر لا يكون إلاّ مشتقًّا فإن وقع جامداً يجب تأويله بمشتقّ, وذهب البصريون إلى جواز وقوع الخبر جامداً من غير تأويل.