المثل له ليطلبه فإنّ العاقل لا يطلب إلاّ ما يجوز وجوده (وإمّا للتعميم) في المفعول (مع الاختصار كقولك: ½قد كان منك ما يؤلم¼ أي: كلَّ أحد) بقرينة أنّ المقام مقام المبالغة[1] وهذا التعميم وإن أمكن أن يستفاد من ذكر المفعول بصيغة العموم لكن يفوت الاختصار حينئذ (وعليه) أي: وعلى حذف المفعول للتعميم مع الاختصار ورد قوله تعالى: (﴿وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَٰمِ﴾ [يونس:٢٥]) أي: جميعَ عباده[2] فالمثال الأوّل يفيد العموم مبالغة والثاني تحقيقاً (وإمّا لمجرّد الاختصار) من غير أن يعتبر معه فائدة أخرى من التعميم وغيره وفي بعض النُسَخ: (عند قيام قرينة) وهو تذكرة[3] لما سبق ولا حاجة إليه، وما يقال من أنّ المراد عند قيام قرينة دالّة على أنّ الحذف لمجرّد الاختصار ليس بسديد لأنّ هذا المعنى معلوم[4] ومع هذا جارٍ في سائر الأقسام فلا وجه لتخصيصه بمجرّد الاختصار (نحو: ½أصغيتُ
[1] قوله: [بقرينة أنّ المقام مقام المبالغة] أي: المبالغة في الوصف بالإيلام فيكون المقام قرينة على إرادة العموم في المفعول وأنه ليس المراد ½ما يؤلمني¼ أو ½ما يؤلم بعض الناس¼ أو نحو ذلك.
[2] قوله: [أي: جميعَ عباده] إنما قدّر المفعول هنا عامًّا لأنّ الدعوة من الله تعالى إلى دار السلام بسبب التكليف لا تختصّ بعبد دون آخر بل تشمل الجميع إلاّ أنه لم يجب منهم إلاّ السعداء. قوله ½فالمثال الأوّل إلخ¼ بيان للتفاوت بين المثالين المشار إليه بقول المصـ ½وعليه إلخ¼.
[3] قوله: [وهو تذكرة] أي: مذكِّرة ومنبِّهة على ما سبق وهو قوله ½وإلاّ وجب التقدير بحسب القرائن¼ لئلاّ يغفل عنه, وفيه أنّ تذكير ما سبق أيضاً لا يخصّ بمجرّد الاختصار. قوله ½وما يقال¼ أي: في توجيه هذه العبارة, وحاصله أنّه ليس المراد بالقرينة هنا القرينة الدالّة على المحذوف بل الدالّة على أنّ الحذف لمجرّد الاختصار أي: إذا دلّّت القرينة على أنّ الحذف لمجرّد الاختصار فالحذف لمجرّد الاختصار, وهذا المعنى لم يسبق في المتن.
[4] قوله: [لأنّ هذا المعنى معلوم] أي: معلوم من خارج وإن لم يتقدّم في المتن ما يفيد ذلك, وفيه أنّه لا يعترض بالعلم من الخارج فكان الأولى الاقتصار على الوجه الثاني أعني: قوله ½جارٍ في سائر الأقسام¼, ثمّ قوله ½لأنّ هذا المعنى معلوم¼ يفيد أنه لا بدّ من قرينة على أنّ الحذف للنكتة الفلانيّة كالاختصار وغيره وهو كذلك. قوله ½فلا وجه لتخصيصه إلخ¼ قد يقال له وجه وهو أنّ مجرّد الاختصار نكتة ضعيفة لا يصار إليها إلاّ إذا تعيّنت, ونظير ذلك ما مرّ في ذكر المسند إليه حيث علّله المصـ بالأصالة وقيّده الشارح بقوله ½ولا مقتضِي للعدول عنه¼.