المشتمل على كلمة غير فصيحة لا يَخرُجُ عن الفصاحة كما لا يخرج الكلام الطويل المشتمل على كلمة غير عربيّة عن أن يكون عربيًّا، وفيه نظر[1] لأنّ فصاحة الكلمات مأخوذة في تعريف فصاحة الكلام من غير تَفرِقة[2] بين طويل وقصير على أنّ هذا القائل فسَّر الكلام بما ليس بكلمة، والقياسُ على الكلام العربي ظاهر الفساد[3] ولو سُلِّم عدَم خروج السورة عن الفصاحة فمجرّد اشتمال القرآن على كلام غير فصيح بل على كلمة غير فصيحة ممّا يقود[4] إلى نسبة الجهل أو العجز إلى الله تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيراً (والـغـرابة) كون الكلمة وحشيّـة[5] غـيـر ظاهرة المعنى ولا مأنـوسة الاستـعـمال (نحو)
[1] قوله: [وفيه نظر] أي: في ما اشتمل عليه القيل من الدعوى المشار إليه بقوله ½لكنّ الكلام إلخ¼ ومن القياس المشار إليه بقوله ½كما لا يخرج إلخ¼ نظر. قوله ½لأنّ فصاحة الكلمات إلخ¼ ردّ للدعوى وحاصله أنا لا نسلّم دعواكم لأنّ فصاحة الكلمات إلخ فيلزم من انتفاء فصاحة الكلمات انتفاء فصاحة الكلام لا محالة.
[2] قوله: [من غير تفرقة] أي: فصاحتها شرط في فصاحته سواء كان قصيراً أو طويلاً فتنتفي الثانية بانتفاء الأولى. قوله ½على أنّ إلخ¼ يعني أنّ مدخليّة فصاحتها في فصاحته على قوله أكثر منها على قول من فسّر الكلام بالمركّب التامّ, فالقول بوجود كلام فصيح بدون فصاحة كلماته أفسد لأنّ على قول غيره يوجد مركّب فصيح بدون فصاحة كلماته وهو المركّب الناقص؛ لأنها إنما اشترطت في فصاحة الكلام.
[3] قوله: [ظاهر الفساد] ردّ لقياس صاحب القيل, حاٰصله أنّا لا نسلّم صحّة قياس الكلام الفصيح على الكلام العربيّ لأنه قياس مع الفارق لأنّ فصاحة الكلام يشترط فيه فصاحة الكلمات بخلاف عربيّة الكلام فإنه لا يشترط فيها عربيّة الكلمات بل يكفي فيها عربيّة أكثر الكلمات. قوله ½ولو سلّم إلخ¼ ردّ آخر للدعوى على سبيل التسليم, حاصله أنّا سلّمنا أنّ السورة بتمامها لا تخرج عن الفصاحة مع اشتمالها على كلمة غير فصيحة ولكن يلزم كون كلام فيه هذه الكلمة غيرَ فصيح وهو قوله تعالى: ﴿أَلَمۡ أَعۡهَدۡ﴾ [يس:٦٠].
[4] قوله: [ممّا يقود إلخ] أي: ممّا يجر إلخ, وذلك لأنّ اشتماله على غير الفصيح إمّا لعدم علمه بأنه غير فصيح فيلزم الجهل وإمّا لعدم قدرته على إيراد الفصيح فيلزم العجز تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
[5] قوله: [كون الكلمة وحشيّة] بيان لمفهوم الغرابة لأنّ المصـ قد اكتفى بالمثال. قوله ½غير ظاهرة المعنى¼ تفسير لكون الكلمة وحشيّة, والمراد بكونها غير ظاهرة المراد أن لا ينتقل الذهن منها إلى المعنى الموضوع فلا يرد بمتشابهات القرآن ومجملاته فإنها ظاهرة المعنى الموضوع له وإنما الخفاء باعتبار المعنى المراد منها. قوله ½ولا مأنوسة الاستعمال¼ عطف سبب على مسبّب, و½لاَ¼ زائدة لأنّ النفي مستفاد من لفظ ½غير¼, والمراد بعدم كونها مأنوسة الاستعمال أن لا تكون مألوفة الاستعمال بالنسبة للعرب العرباء لا بالنسبة للمولدين وإلاّ خرج كثير من الكلام الفصيح عن الفصاحة كما لا يخفى.