ومفهومات فلها حدود[1] حقيقيّة واسميّة وأمّا المعدومات فليس لها إلاّ المفهومات فلا حدود لها إلاّ بحسَب الاسم لأنّ الحدّ بحسب الذات لا يكون إلاّ بعد أن يعرف أنّ الذات موجودة حتّى أنّ[2] ما يوضع في أوّل التعاليم من حدود الأشياء التي يُبَرهَن عليها في أثناء التعاليم إنّما هي حدود اسميّة ثمّ إذا بُرهِن عليها وأثبت وجودها صارت تلك الحدود بعينها حدوداً حقيقيّة[3] جميع ذلك مذكور في "الشفاء" (و) يطلب (بـ½من¼ العارض المشخّص) أي: الأمر الذي يعرض[4] (لذي العِلم) فيفيد تشخّصه وتعيّنه (كقولنا ½من في الدار¼) فيجاب عنه بـ½زيد¼[5] ونحوه ممّا يفيد تشخّصه
[1] قوله: [فلها حدود إلخ] أي: فللموجودات حدودٌ حقيقيّة تدلّ على الحقائق وتعريفاتٌ اسميّة لفظيّة تدلّ على المفهومات من الأسماء. قوله ½إلاّ المفهومات¼ أي: المدرَكة من الأسماء أي: ليس لها الحقائق. قوله ½إلاّ بحسب الاسم¼ لأنه لا حقائق لها حتّى تكون لها حدود بحسب الحقيقة.
[2] قوله: [حتّى أنّ إلخ] تفريع على قوله ½لأنّ الحدّ بحسب الذات لا يكون إلاّ بعد إلخ¼. قوله ½في أوّل التعاليم¼ جمع تعليم والمراد بها التراجم كالفصل والباب. قوله ½من حدود الأشياء¼ بيان لـ½ما يوضع¼. قوله ½يُبَرْهَن عليها¼ أي: يقام البرهان على وجود تلك الأشياء.
[3] قوله: [حدوداً حقيقيّة] حاصل كلامه أنّ الحدّ الاسميّ قد ينقلب حقيقيًّا فالواضع إذا تعقّل حقيقةً ووضع اسماً بإزائها فقبل العلم بوجود تلك الحقيقة يكون التعريف حدًّا اسميًّا وبعد العلم بوجودها ينقلب التعريف حدًّا حقيقيًّا مثلاً تعريف الشكل المثلث المتساوي الأضلاع بقولك: ½ما أحاط به ثلاث خطوط متساوية¼ قبل العلم بوجوده حدّ اسميّ وبعد العلم بوجوده يصير هذا بعينه حدًّا حقيقيًّا.
[4] قوله: [أي: الأمر الذي يعرض] إشارة إلى أنّ المراد بالعارض المشخّص لذي العِلم الأمر المتعلِّق به سواء كان علماً له أو وصفاً خاصًّا به وسواء اتّحد أو تعدّد. قوله ½وتعيّنه¼ عطف تفسير.
[5] قوله: [فيجاب عنه بـ½زيد¼] فإنّ السائل يعلم أنّ في الدار أحداً لكن لم يتشخّص عنده فيسئل بـ½مَن¼ عن مشخّصه ولا شكّ أنّ ½زيد¼ عارض له ويفيد تشخصه. قوله ½ونحوه ممّا يفيد تشخّصه¼ كقولك الرجل الطويل الذي لقيتَه أمس, فيفيد هذا الجواب تشخّصه بسبب انحصار مجموع الأوصاف في شخص وإن كانت تلك الأوصاف بالنظر إلى مفهوماتها كليّات.