﴿أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ﴾[1] [الزخرف:٣٢] والمفعولِ في قوله تعالى: ﴿أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّٗا﴾ [الأنعام:١٤]، وأمّا غير الهمزة[2] فيجيء للتقرير والإنكار لكن لا يجري فيه هذه التفاصيل ولا يكثر كثرة الهمزة فلذا لم يبحث عنه (ومنه) أي: من مجيء الهمزة للإنكار[3] (﴿أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ﴾ [الزمر:٣٦] أي: الله كاف لأنّ) إنكار النفي نفي له[4] و(نفي النفي إثبات وهذا) المعنى (مراد من قال إنّ الهمزة فيه للتقرير) أي: لحمل المخاطَب على الإقرار (بما دخله النفي) وهو ½الله كاف¼ (لا بالنفي) وهو ½ليس الله بكاف¼، فالتقرير لا يجب أن يكون بالحكم الذي دخلت عليه الهمزة بل بما يعرف المخاطَب من ذلك الحكم[5] إثباتاً أو نفياً،
[1] قوله: [﴿أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ﴾] أي: فالمنكَر كونُهم قاسمين للرحمة لا قسمةُ الرحمة فإنّ الله قاسم لها. قوله ﴿أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّٗا﴾ أي: فالاتّخاذ مسلّم والمنكَر هو كون المتّخَذ غيرَ الله, وكذا قوله تعالى: ﴿أَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَدۡعُونَ﴾ فالدعاء مسلّم والمنكَر هو كون المدعوّ غيرَ الله.
[2] قوله: [وأمّا غير الهمزة إلخ] جواب عمّا يقال إنّ تقييد المصـ بالهمزة في قوله ½بإيلاء المقرَّر به الهمزةَ¼ وقوله بعد ½والإنكارِ كذلك¼ يقتضي أنّ كلاًّ من التقرير والإنكار لا يكون بغير الهمزة وليس كذلك, وحاصل الجواب أنّ غير الهمزة ممّا يجيء للتقرير والإنكار لا يجري فيه هذه التفاصيل من أنّ التقرير أو الإنكار إنما يكون لما وليها من الفعل أو الفاعل أو المفعول ونحوه.
[3] قوله: [أي: من مجيء الهمزة للإنكار] وإنما فصله لأنّ فيه اعتبارين إنكار النفي وتقرير الإثبات أو لما في هذا المثال من الخلاف كما يأتي بيانه.
[4] قوله: [إنكار النفي نفي له] أي: للنفي, وهذه مقدّمة صغرى والكبرى مذكورة في المتن ومجموعهما دليل على ما ذكر من أنّ المراد من الآية الإثبات. قوله ½وهذا المعنى¼ وهو تحقيق أنّ الله تعالى كاف عبده, أي: وعلى هذا فيصحّ أن يقال إنّ الهمزة فيه للتقرير كما يصحّ أن يقال إنها للإنكار, وكذا قوله تعالى: ﴿أَلَمۡ نَشۡرَحۡ لَكَ صَدۡرَكَ﴾ [الم نشرح:١], و﴿أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فََٔاوَىٰ﴾ [الضحى:٦], فقد يقال إنّ الهمزة للإنكار وقد يقال إنها للتقرير وكلاهما حسن.
[5] قوله: [من ذلك الحكم] أي: ممّا يتعلّق بذلك الحكم الداخلة عليه الهمزة إثباتاً كما في الآية السابقة فإنّ المخاطب يعلم أنّ الله كاف عبده فالهمزة فيها إنما هي للتقرير به أو نفياً كما في الآية الآتية فإنّ عيسى على نبيّنا وعليه السلام يعلم أنّه لم يقل ذلك فالهمزة فيها إنما هي للتقرير به. قوله ½نفياً أو إثباتاً¼ راجع لقوله ½بما يعرفه¼. قوله ½وعليه¼ أي: وعلى التقرير بما يعرفه المخاطب نفياً.