وعليه قوله تعالى: ﴿ءَأَنتَ قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيۡنِ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ﴾ [المائدة:١١٦] فإنّ الهمزة فيه للتقرير أي: بما يعرفه عيسى عليه السلام من هذا الحكم[1] لا بأنه قد قال ذلك فافهم، وقوله ½والإنكار كذلك¼[2] دلّ على أنّ صورة إنكار الفعل أن يلي الفعلُ الهمزةَ، ولمّا كان له[3] صورة أخرى لا يلي فيها الفعل الهمزة أشار إليها بقوله (ولإنكار الفعل صورة أخرى وهي نحو ½أ زيداً ضربت أم عمراً¼ لمن يردّد الضرب بينهما) من غير أن يعتقد تعلّقه بغيرهما[4] فإذا أنكرت تعلّقه بهما[5] فقد نفيته عن أصله لأنه لا بدّ له من محلّ يتعلّق به (والإنكار إمّا للتوبيخ أي: ما كان ينبغي أن يكون) ذلك الأمر الذي كان (نحو ½أ عصيت
[1] قوله: [من هذا الحكم] وهو أنه لم يقل ½اتّخذوني وأمّي إلهين من دون الله¼ فإذا أقرّ عيسى على نبيِّنا وعليه السلام بما يعلم وهو أنه لم يقل ذلك انقطعت أوهام الذين ينسبون إليه ادّعاء الألوهيّة. قوله ½لا بأنه¼ أي: لا للتقرير بأنه قال ذلك فإنّه مستحيل في حقّه على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام.
[2] قوله: [قوله ½والإنكار كذلك¼ إلخ] تمهيد لما يأتي في المتن وبيان الربط لما بعد بما قبل.
[3] قوله: [ولمّا كان له] أي: لإنكار الفعل. قوله ½صورة أخرى إلخ¼ وضابطتها أن يلي الهمزة معمول الفعل المنكَر ثمّ يعطف على المعمول بـ½أَمْ¼ أو بغيرها سواء كان ذلك المعمول مفعولاً كما في مثال المصـ, أو فاعلاً نحو ½أزيد ضربك أم عمرو¼ لمن يردِّد الضرب بينهما, أو ظرفاً نحو ½أ في الليل كان هذا أم في النهار¼ لمن يردِّد الكون فيهما, و½أ في الدار كان هذا أم في السوق¼ إلى غير ذلك من المعمولات, والمدار على أن ينحصر الفعل في الملابَس المنكَر سواء كان واحداً أو متعدِّداً مردَّداً.
[4] قوله: [من غير أن يعتقد تعلّقه بغيرهما] بيان لترديد المخاطب الضرب بينهما يعني أنه يعتقد عدم تعلّقه بغيرهما فإنّ النفي حينئذ يكون للفعل من أصله, والحاصل أن يعتقد تعلّقَ الفعل في نفس الأمر بأحدهما فقط من غير تعيين له.
[5] قوله: [فإذا أنكرتَ تعلّقه بهما إلخ] فيه إشارة إلى أنّ المنكَر في المثال المذكور ابتداءً هو المفعولان وثانياً هو الفعل وذلك لأنّ محلّ الفعل هو المفعولان لا غير ونفي المحلّ يستلزم نفي الحال.