كثير الصلوات وكان قومه إذا رأوه يصلّي تضاحكوا فقصدوا بقولهم ½أصلوتك تأمرك¼ الهزء والسخريّة لا حقيقة الاستفهام (والتحقيرِ نحو ½من هذا¼) استحقاراً بشأنه[1] مع أنك تعرفه (والتهويلِ كقراءة ابن عباس) رضي الله عنه (﴿وَلَقَدۡ نَجَّيۡنَا بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ مِنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡمُهِينِ (٣٠) مِن فِرۡعَوۡنَۚ﴾ [الدخان:٣٠-٣١] بلفظِ الاستفهام) أي: ½مَنْ¼ بفتح الميم[2] (ورفعِ ½فرعون¼) على أنه مبتدأ و½مَنْ¼ الاستفهاميّةُ خبره أو بالعكس على اختلاف الرأيـين[3] فإنّه لا معنى لحقيقة الاستفهام ههنا وهو ظاهر، بل المراد أنه لمّا وصف الله العذاب بالشدّة والفظاعة[4]
[1] قوله: [استحقاراً بشأنه] أي: شأن المشار إليه, والعلاقة بين الاستفهام والتحقير اللزوم لأنّ الاستفهام عن الشيء يقتضي الجهل به والجهل به يقتضي عدم الاعتناء به وعدم الاعتناء به يقتضي استحقاره فاستعمال الاستفهام في التحقير مجاز مرسل بعلاقة اللزوم.
[2] قوله: [أي: ½مَنْ¼ بفتح الميم] والجملة استئنافيّة لتهويلِ أمر فرعون المفيدِ لتأكّد شدّة عذابه بسبب أنه كان متمرِّداً معانداً لا يكيّف عتوّه, ثمّ العلاقة بين الاستفهام والتهكّم المسبّبيّة لأنّ سبب الاستفهام عن الشيء الجهل به وسبب الجهل به كونه هائلاً فاستعمال الاستفهام في التهويل مجاز مرسل.
[3] قوله: [على اختلاف الرأيـين] أي: في الاسم الواقع بعد ½مَنْ¼ الاستفهاميّة فعند الأخفش الاسم مبتدأ مؤخّر و½مَنْ¼ خبر مقدّم, وعند سيبويه بالعكس, ولعلّ تقديم رأي سيبويه للإشارة إلى رجحانه. قوله ½وهو ظاهر¼ لأنّ الله تعالى لا يخفى عليه شيء حتّى يستفهم عنه.
[4] قوله: [بالشدّة والفظاعة] أي: شناعته وقباحته حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿مِنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡمُهِينِ﴾. قوله ½زادهم تهويلاً¼ أي: زاد المخاطَبين تهويلا وأصل التهويل قد حصل من الوصف. قوله ½في فرط عتوّه¼ من إضافة الصفة إلى الموصوف أي: في عتوّه المُفرِط, وكذا قوله ½وشدّة شكيمته¼, والشكيمة في الأصل جلد يجعل على أنف الفرس, وهو كناية عن ظلمه وتكبّره وتجبّره. قوله ½فما ظنّكم بعذاب إلخ¼ أي: فهو أخوف وأشدّ, وقد نجّيتكم منه فاشكرون.