ربك¼) فإنّ العصيان واقع[1] لكنه منكَر، وما يقال إنّه للتقرير فمعناه التحقيق والتثبيت (أو لا ينبغي أن يكون نحو ½أ تعصي ربك¼ أو للتكذيب) في الماضي (أي: لم يكن نحو: ﴿أَفَأَصۡفَىٰكُمۡ رَبُّكُم بِٱلۡبَنِينَ﴾ [بني إسرائيل:٤٠]) أي: لم يفعل ذلك (أو) في المستقبل أي: (لا يكون نحو: ﴿أَنُلۡزِمُكُمُوهَا﴾ [هود:٢٨]) أي: أ نلزمكم تلك الهداية[2] أو الحجّة بمعنى أ نكرهكم على قبولها ونَقسِركم على الإسلام والحال أنكم لها كارهون يعني لا يكون هذا الإلزام[3] (والتهكّمِ) عطف على الاستبطاءِ أو على الإنكارِ، وذلك[4] أنهم اختلفوا في أنّه إذا ذكر معطوفات كثيرة أنّ الجميع معطوف على الأوّل أو كلّ واحد عطف على ما قبله (نحو: ﴿أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَآ﴾ [هود:٨٧]) وذلك أنّ شعيباً[5] عليه السلام كان
[1] قوله: [فإنّ العصيان واقع] أي: فلا يكون الإنكار هنا للتكذيب بل هو التوبيخ على ما وقع من المخاطب. قوله ½وما يقال إلخ¼ حاصله أنّ الإنكار التوبيخيّ إذا كان لما وقع في الماضي لتضمّنه للوقوع يقال إنّ الاستفهام فيه للتقرير بمعنى التحقيق أي: تحقيق ما يعرفه المخاطب من الحكم في هذه الجملة, فإنّ التقرير يقال بهذا المعنى أيضاً كما سبق.
[2] قوله: [تلك الهداية] تفسير للضمير المنصوب هو ½هَا¼. قوله ½على قبولها¼ أي: قبول الهداية باتّباع الشرع أو قبول الحجّة بالعمل بالشرع, فالكفرة ادّعوا أنهم يُلزَمون ما يَكرَهون أو نُزِّلوا منزلة من ادّعى ذلك. قوله ½ونَقسِركم¼ من باب ½ضرب¼ مرادف لـ½نُكرِهكم¼. قوله ½والحال أنكم لها كارهون¼ الظاهر أنّ هذه الحال مؤكِّدة لما استلزمه العامل وهو ½نُلزِمكم¼ لأنّ الإلزام بالشيء يقتضي كراهته.
[3] قوله: [لا يكون هذا الإلزام] أي: لا يكون منّا إلزام الهداية ولا قبول الحجّة وإنما علينا البلاغ لا الإكراه, وهذا الكلام من نوح على نبيِّنا وعليه السلام لقومه الذين اعتقدوا أنه يقهر أمّته على الهداية.
[4] قوله: [وذلك إلخ] أي: والترديد في العطف بقولنا ½عطف على الاستبطاءِ أو على الإنكارِ¼ لرعاية القولين في باب العطف إذا كثر المعطوفات لأنهم اختلفوا إلخ, والتحقيق من الخلاف أنه إن كان العطف بحرف مرتّب كـ½ثُمَّ¼ والفاء و½حَتَّى¼ فعطف كلٍّ على ما قبله وإن كان بحرف غير مرتّب كالواو و½أَوْ¼ و½أَمْ¼ فعطف الجميع على الأوّل.
[5] قوله: [وذلك أنّ شعيباً إلخ] أي: وإنما كان الاستفهام هنا للتهكّم لأنّ شعيباً إلخ. قوله ½الهزء والسخريّة¼ أي: بشعيب وصلاته فكأنهم قالوا لا قربة لك توجب اختصاصك بأمرنا ونهينا إلاّ هذه الصلاة التي تلازمها وليست هي ولا أنت بشيء, ثمّ العلاقة بين الاستفهام والتهكّم أنّ الاستفهام عن الشيء يقتضي الجهل به والجهل به يقتضي الجهل بفائدته والجهل بفائدته يقتضي الاستخفاف به والاستخفاف به منشأ التهكّم فاستعمال الاستفهام في التهكّم مجاز مرسل بعلاقة اللزوم.