أي: من أنواع الطلب (الأمر) وهو طلب[1] فعل غير كفّ على جهة الاستعلاء، وصيغته تستعمل في معان كثيرة[2] فاختلفوا في حقيقته الموضوعة هي لها اختلافاً كثيراً، ولمّا لم يكن الدلائل مفيدة للقطع بشيء قال المصنف (والأظهر أنّ صيغته من المقترنة باللام نحو ½ليحضر زيد¼ وغيرها نحو ½أكرم عمراً¼ و½رويد بكراً¼) فالمراد[3] بصيغته ما دلّ على طلب فعل غير كفّ استعلاء سواء كان اسماً أو فعلاً (موضوعة لطلب الفعل استعلاء) أي: على طريق طلبِ العلوّ وعدِّ الآمر نفسَه عالياً سواء كان عالياً في نفسه أم لا (لتبادر الفهم عند سَماعها) أي: سَماع الصيغة (إلى ذلك) المعنى أعني الطلب استعلاءً، والتبادر إلى الفهم[4]
[1] قوله: [وهو طلب] هذا كالجنس يشمل النهي والدعاء والالتماس, وخرج بإضافة الطلب إلى الفعل النهي بناء على أنه طلب ترك وقيل هو طلب كفّ فيخرج بقوله ½غير كفّ¼ فالنهي خارج على كلا القولين, وقوله ½على جهة الاستعلاء¼ أي: على طريق طلب العلوّ سواء كان عالياً حقيقة أو لا, وهذا مخرج للدعاء والالتماس لأنّ الأوّل على جهة التواضع والثاني على جهة المساواة.
[2] قوله: [وصيغته تستعمل في معانٍ كثيرة] تبلغ تلك المعاني نحو ستّة وعشرين معنى ذكرها أهل الأصول, وذكر هنا بعض منها, وهذا توطئة لقول المصـ ½والأظهر إلخ¼ حيث لم يجزم بشيء وأشار إلى ما هو أظهر عند العقل لقوّة أمارته. قوله ½الموضوعة هي¼ أبرز الضمير لجري الصفة على غير من هي له. قوله ½اختلافاً كثيراً¼ فقيل هي الوجوب فقط, وقيل هي الندب فقط, وقيل هي القدر المشترك بينهما بالاشتراك المعنويّ وهو مجرّد الطلب على جهة الاستعلاء, وقيل بالاشتراك اللفظيّ بأن وضعت لكلّ منهما استقلالاً, وقيل بالتوقّف بمعنى أنا لا نعيِّن شيئاً ممّا ذكر, والأكثر الجمهور على الأوّل.
[3] قوله: [فالمراد إلخ] تفريع على أمثلة المتن. قوله ½ما دلّ إلخ¼ أي: لا خصوص فعل الأمر والمضارع المقرون بلام الأمر على ما اشتهر. قوله ½طلبِ العلوّ¼ هذا على أنّ السين والتاء للطلب وقوله ½وعدِّ الآمر إلخ¼ على أنّهما للعدّ كما في ½استحسنت هذا الأمر¼, ففي كلامه إشارة إلى جواز الوجهين.
[4] قوله: [والتبادر إلى الفهم إلخ] أي: وتبادر المعنى من اللفظ إلى الفهم من أقوى أمارات أنّ اللفظ موضوع لذلك المعنى, وفيه أنّ المجاز الراجح يتبادر ولا يدلّ ذلك على كونه حقيقة لأنّ التبادر أصله كثرة الاستعمال, والجواب أنّ التبادر في المجاز إن افتقر فيه إلى قرينة مصاحبة فلا إيراد لأنّ التبادر في الحقيقة لا يفتقر فيه إلى القرينة وإن لم يفتقر في المجاز إلى القرينة فهو حقيقة عرفيّة.