عنوان الكتاب: مختصر المعاني

من أقوى أمارات الحقيقة (وقد تستعمل) صيغة الأمر (لغيره) أي: لغير طلب الفعل استعلاءً (كالإباحةِ نحو ½جالسِ الحسنَ أو ابنَ سيرين¼) فيجوز له[1] أن يجالس أحدَهما أو كليهما وأن لا يجالس أحداً منهما أصلاً (والتهديدِ) أي: التخويف[2] وهو أعمّ من الإنذار لأنه إبلاغ مع تخويف، وفي "الصحاح" الإنذار تخويف مع دعوة (نحو: ﴿ٱعۡمَلُواْ مَا شِئۡتُمۡ﴾ [حم السجدة: ٤٠]) لظهور أنْ ليس المراد[3] الأمرَ بكلّ عمل شاؤوا (والتعجيزِ[4] نحو ﴿فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن مِّثۡلِهِۦ﴾ [البقرة:٢٣]) إذ ليس المراد طلبَ إتيانهم بسورة من مثله لكونه محالاً[5] والظرف


 



[1] قوله: [فيجوز له إلخ] تفريع على كون صيغة الأمر في المثال للإباحة. قوله ½أو كليهما¼ وهذا هو الفرق بين الإباحة والتخيير فإنّه يجوز الجمع بين الأمرين في الإباحة دون التخيير نحو ½تزوّج بفاطمة أو أختها¼, والتحقيق أنّ المستفاد من الصيغة مطلق الإذن والمستفاد من ½أَوْ¼ الإذن في أحد الأمرين, وأمّا ما وراء ذلك من جواز الجمع وامتناعه فإنّما هو مستفاد من القرائن.

[2] قوله: [أي: التخويف] أي: سواء كان بوعيد مبين كقولك لعبدك ½دم على العصيان فالعصى أمامك¼, أو بوعيد مجمل نحو: ﴿ٱعۡمَلُواْ مَا شِئۡتُمۡ﴾ أي: فسترون منّا ما أمامكم, فهذا يتضمّن وعيداً مجملاً. قوله ½وهو أعمّ من الإنذار¼ أي: التهديد أعمّ بحسب الوجود من الإنذار مع تباين الحقيقتين على تفسير الإنذار بإبلاغ مع تخويف, وبحسب الحقيقتين على تفسير الإنذار بتخويف مع دعوة.

[3] قوله: [لظهور أنْ ليس المراد إلخ] بيان للقرينة الصارفة عن أن يكون الأمر هنا للطلب, ولمّا تضمّن هذا وعيداً مجملاً كما مرّ آنفاً كان تهديداً وتخويفاً.

[4] قال: [والتعجيزِ] أي: وقد تستعمل صيغة الأمر لإظهار عجز من يدّعي أو يظنّ شيئاً ليس في وسعه فإنّه إذا حاول فعله بعد سَماع صيغة الأمر ولم يمكنه فعله ظهر عجزه.

[5] قوله: [لكونه محالاً] أي: لكون الإتيان بسورة من مثله محالاً, والقرائن تعيِّن أنّ المراد التعجيز لأنه قد أقيمت الحجّة بالآية عليهم في ترك الإيمان. قوله ½متعلِّق بـ½فأتوا¼ فيكون ظرفاً لغواً. قوله ½والضمير لـ½عبدنا¼ والمعنى: فأتوا بسورة من مثل عبدنا في كونه أمياً, و½مِنْ¼ على هذا ابتدائيّة. قوله ½أو صفةٌ¼ عطف على قوله ½متعلِّقٌ¼ أي: أو متعلِّقٌ بمحذوف صفة لسورة فيكون ظرفاً مستقرًّا. قوله ½والضمير لـ½مَا نَزَّلْنَا¼ والمعنى: فأتوا بسورة مماثلة لما نزّلنا في حسن النظم وغرابة البيان, و½مِنْ¼ على هذا تبعيضيّة مشوبة ببيان. قوله ½أو لـ½عَبْدِنَا¼ والمعنى: فأتوا بسورة كائنة من مثل عبدنا, و½مِنْ¼ على هذا ابتدائيّة.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471