عنوان الكتاب: مختصر المعاني

نحو: ﴿كُونُواْ حِجَارَةً أَوۡ حَدِيدًا﴾ [بني إسرائيل:٥٠]) إذ ليس الغرض[1] أن يطلب منهم كونهم قردة أو حجارة أو حديداً لعدَم قدرتهم على ذلك لكن في التسخير يحصل الفعل[2] أعني صيرورتهم قردة وفي الإهانة لا يحصل إذ المقصود قلّة المبالاة بهم (والتسويةِ نحو: ﴿فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ﴾ [الطور:١٦]) ففي الإباحة[3] كأنّ المخاطَب توهّم أنّ الفعل محظور عليه فأذن له في الفعل مع عدم الحرج في الترك وفي التسوية كأنه توهّم أنّ أحد الطرفين من الفعل والترك أنفع له وأرجح بالنسبة إليه فرفع ذلك التوهّم وسوّي بينهما (والتمنّي نحو: أَلاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ أَلاَ انْجَلِيْ) بِصُبْحٍ[4] * وَمَا الْإِصْبَاحُ مِنْكَ بِأَمْثَلِ،..................................................


 



[1] قوله: [إذ ليس الغرض إلخ] تعليل لمحذوف أي: ليس الأمر في الآيتين على حقيقته إذ ليس الغرض إلخ. قوله ½لعدم قدرتهم على ذلك¼ أي: فالمقصود من الأمرين التسخير والإهانة لا الطلب. قوله ½لكنّ في التسخير إلخ¼ استدراك على قوله ½لعدم قدرتهم¼ فإنّه يفهم منه اشتراك التسخير والإهانة في عدم القدرة فربما يتوهّم عدم الفرق بينهما فجاء ببيان الفرق بينهما دفعاً لهذا التوهّم وإشارةً إلى وجه كون الأمر في المثال الأوّل للتسخير وفي الثاني للإهانة.

[2] قوله: [يحصل الفعل إلخ] حاصل الفرق بينهما أنّ التسخير يحصل فيه الفعل حال إيجاد صيغة الأمر فإنّ كونهم قردة واقع حال إيجاد الصيغة, والإهانة لا يحصل فيها الفعل أصلاً لأنّ المقصود فيها هو تحقير المخاطَبين وقلّة المبالاة بهم لا حصول الفعل.

[3] قوله: [ففي الإباحة إلخ] بيان للفرق بين الإباحةِ المتقدِّمة والتسويةِ المذكورة ههنا, وحاصل الفرق بينهما أنّ الإباحة يخاطب بها من هو بصدد أن يتوهّم المنع من الفعل فيخاطب بالإذن في الفعل مع عدم الحرج في الترك كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَلَلۡتُمۡ فَٱصۡطَادُواْۚ﴾ [المائدة:٢], والتسوية يخاطب بها من هو بصدد أن يتوهّم أنّ أحد الطرفين من الفعل ومقابله أرجح من الآخر وأنفع منه فيدفع ذلك ويسوّى بينهما نحو قوله تعالى: ﴿أَنفِقُواْ طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمۡ﴾ [التوبة:٥٣] فسوّي بين الإنفاقين في عدم القبول.

[4] قوله: [أَلاَ انْجَلِيْ بِصُبْحٍ إلخ] المراد بالانجلاء الانكشاف وبالإصباح ظهور ضوء الصباح, والياء في ½انْجَلِيْ¼ ردّ لما هو الأصل إذ الضرورة تردّ الكلمة إلى أصلها, ولا يصحّ أن تكون لإشباع الكسرة لأنه لا تكتب الياء الحاصلة من الإشباع. قوله ½بأمثل¼ أي: بأفضل؛ لأنّ الهجر دائم ليلاً ونهاراً.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471