(ولتبادر الفهم عند الأمر بشيء بعد الأمر بخلافه إلى تغيير) الأمر[1] (الأوّل دون الجمعِ) بين الأمرين (وإرادةِ التراخي) فإنّ المولى[2] إذا قال لعبده ½قُمْ¼ ثمّ قال له قبل أن يقوم ½اضطجع حتّى المَساء¼ يتبادر الفهم إلى أنّه غيّر الأمر بالقيام إلى الأمر بالاضطجاع ولم يُرد الجمع[3] بين القيام والاضطجاع مع تراخي أحدهما (وفيه نظر) لأنا لا نسلّم ذلك[4] عند خلوّ المقام عن القرائن (ومنها) أي: من أنواع الطلب (النهي) وهو طلب الكفّ عن الفعل استعلاءً[5] (وله حرف واحد وهو ½لاَ¼ الجازمةُ في نحو قولك ½لاَ تَفْعَلْ¼ وهو كالأمر في الاستعلاء)
[1] قوله: [الأمر] إشارة إلى الموصوف المحذوف. قوله ½بين الأمرين¼ بيان لظرف الجمع.
[2] قوله: [فإنّ المولى إلخ] علّة لتبادر الفهم إلى التغيير. قوله ½حتّى المساء¼ أي: إلى المساء, فهي غاية والغاية لا بدّ لها من مبدأ والمناسب أنّ مبدأها عقب ورود صيغة ½اضطجع¼, وإنما قيّد بذلك ليتحقّق التراخي فإنه إذا قال ½قُمْ¼ ثمّ قال ½اضْطَجِعْ¼ وفعل العبد كليهما على التعاقب يكون ممتثلاً على الفور بخلاف ما إذا أمره بالاضطجاع زماناً بعد الأمر بالقيام فإنّه يفهم منه أنه غيّر الأمر بالقيام بالأمر بالاضطجاع ويلزم من تغيير الأوّل أنه على الفور لأنه غيّره بما ينفيه.
[3] قوله: [ولم يرد الجمع إلخ] عطف على قوله ½غيّر الأمر إلخ¼. قوله ½مع تراخي أحدهما¼ أي: مع تراخي القيام عن الاضطجاع أو مع تراخي الاضطجاع عن القيام.
[4] قوله: [لأنا لا نسلِّم ذلك] أي: لا نسلِّم أنّ الأمر حقّه الفور أو لا نسلِّم ما ذكر من الدليلين من الظهور والتبادر. قوله ½عند خلوّ إلخ¼ أي: وأمّا الظهور والتبادر في المثال المذكور فإنّما هو لوجود القرينة فيه وهو قوله ½حتّى المساء¼ فإنه يقتضي مبدأ وهو عقب ورود صيغة ½اضطجع¼ فإذا انتفى القرينة تعيّن أن يكون المراد طلب المأمور به مطلقاً.
[5] قوله: [وهو طلب الكفّ عن الفعل] لو قال ½طلب الكفّ عن الفعل أو طلب ترك الفعل¼ لكان مُراعاً فيه القول الثاني الآتي ولكنه لم يراعه وقطع النظر عنه إشارةً إلى ضعفه. قوله ½استعلاءً¼ أي: على طريق طلب العلوّ وعدّ الناهي نفسَه عالياً ولو كان مساوياً أو أدنى.