وفيه نظر؛ لأنه حينئذ[1] يكون قيداً للتنافر لا للخلوص ويلزم[2] أن يكون الكلام المشتمل على تنافر الكلمات الغير الفصيحة فصيحاً؛ لأنه يصدق عليه أنه خالص عن تنافر الكلمات حال كونها فصيحة فافهم (فالضعف) أن يكون تأليف[3] الكلام على خلاف القانون النحويّ المشهور بين الجمهور كالإضمار قبل الذكر[4] لفظاً ومعنىً وحكماً (نحو ½ضرب غلامُه زيداً¼ والتنافر) أن تكون الكلمات[5] ثقيلة على اللسان وإن كان كلٌّ منها فصيحة (كقوله: وَلَيْسَ قُرْبَ قَبْرِ حَرْبٍ) وهو اسم رجل (قَبْرُ) وصدر البيت: وَقَبْرُ حَرْبٍ بِمَكَانٍ قَفْر، أي: خالٍ عن الماء والكلاء، ذكر[6] في "عجائب المخلوقات" أنّ من الجنّ نوعاً يقال له الهاتف فصاح واحد منهم على حرب بن أميّة فمات فقال ذلك الجنّي هذا البيت (وكقوله: كَرِيْمٌ مَتَى أَمْدَحْهُ أَمْدَحْهُ وَالْوَرَى مَعِيَ * وَإِذَا مَا لُمْتُهُ لُمْتُهُ وَحْدِيْ) والواو في ½والورى¼ للحال[7]
[1] قوله: [لأنه حينئذ إلخ] أي: لأنّ ½مع فصاحتها¼ حين إذ جعل حالاً من الكلمات يكون قيداً للتنافر الذي هو منفيّ؛ لأنه العامل في ذي الحال. قوله ½لا للخلوص¼ الذي هو نفي.
[2] قوله: [ويلزم إلخ] تفريع على كون ½مع فصاحتها¼ قيداً للتنافر, وحاصله أنّه إذا كان قيداً للتنافر كان حاصل المعنى أنّ الخلوص من تنافر الكلمات إنما يجب إذا كانت الكلمات فصيحة أمّا إذا لم تكن فصيحة فلا يجب الخلوص منه فيلزم أن يكون الكلام المشتمل على إلخ. قوله ½فافهم¼ إشارة إلى دقّة المقام.
[3] قوله: [أن يكون تأليف إلخ] بيان لمفهوم الضعف لأنّ المصـ قد اكتفى بالمثال.
[4] قوله: [قبل الذكر] أي: قبل ذكر مرجعه. قوله ½لفظاً ومعنى وحكماً¼ هذه أقسام للقبليّة أي: كتقديم الضمير على مرجعه لفظاً إلخ, وهذا مثال لمخالفة القانون المشهور, ومفهوم كلامه أنه لو تقدّم المرجع على الضمير لفظاً أو معنى أو حكماً لا يكون الكلام ضعيفَ التأليف كقوله تعالى: ﴿ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ﴾ [المائدة:٨] و﴿وَلِأَبَوَيۡهِ لِكُلِّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا ٱلسُّدُسُ﴾ [النساء:١١] ونحو قولك: ½ضرب زيدٌ غلامَه¼.
[5] قوله: [أن تكون الكلمات إلخ] يظهر غرضه ممّا ذكر في مثل هذا الموضع.
[6] قوله: [ذكر إلخ] أي: ذكر المصـ في كتابه إلخ, والجنّي مفرد الجنّ كالعربي والعرب والزنجي والزنج.
[7] قوله: [للحال] جعل الواو للحال؛ لأنه المتسابق للفهم, ولوقوعه في مقابلة ½وحدي¼ وهو حال, ولدفع لزوم توقّف مدح الورى على مدحه فإنّ فيه قصوراً في مقام المدح, ولدفع لزوم اتّحاد الشرط والجزاء.