وهو مبتدأ وخبره ½معي¼، وإنّما مثّل بمثالين لأنّ الأوّل متناهٍ[1] في الثقل والثانِي دونه؛ لأنّ منشأ الثقل في الأوّل نفس اجتماع الكلمات وفي الثاني حروف منها، وهو في تكرير[2] ½أمدحه¼ دون مجرّد الجمع بين الحاء والهاء؛ لوقوعه في التنزيل مثل ﴿فَسَبِّحۡهُ﴾ [ق:٤٠] فلا يصحّ القول بأنّ مثل هذا الثقل مُخِلّ بالفصاحة، ذكر الصاحب[3] إسماعيل بن عبّاد أنه أنشد هذه القصيدة بحضرة الأستاذ ابن العميد فلمّا بلغ هذا البيت قال له الأستاذ: هل تعرف فيه شيئاً من الْهُجْنة؟ قال: نعم! مقابلة المدح باللوم وإنّما يقابل بالذمّ أو الهجاء، فقال: الأستاذ غيرَ هذا أريد[4]، فقال: لا أدري غيرَ ذلك، فقال الأستاذ: هذا التكرير[5] في ½أمدحه أمدحه¼ مع الجمع بين الحاء والهاء وهما من حروف الحلق خارجٌ عن حدّ الاعتدال نافرٌ كلَّ التنافر فأثنى عليه الصاحب (والتعقيد) أي: كون الكلام معقّداً[6] (أن
[1] قوله: [لأنّ الأوّل متناه إلخ] يعني أشار المصـ بإيراد المثالين إلى قسمين لتنافر الكلمات. قوله ½لأنّ منشأ الثقل إلخ¼ تعليل لكون المثال الأوّل متناه في الثقل دون المثال الثاني.
[2] قوله: [وهو في تكرير إلخ] أي: الثقل المخلّ بالفصاحة في المثال الثاني حاصل بتكرير إلخ فـ½فِيْ¼ بمعنى الباء. قوله ½دون مجرّد الجمع¼ يعني أنّ الجمع بين الحاء والهاء وإن كان فيه ثقل إلاّ أنه لا يؤدّي للإخلال بالفصاحة كيف وقد وقع ذلك في القرآن والقول باشتماله على كلام غير فصيح ممّا لا يتجرأ عليه مؤمن.
[3] قوله: [ذكر الصاحب إلخ] غرضه من ذكر هذه الحكاية تأييد لكون هذا التكرير ثقيلاً مخلاّ بالفصاحة, والصاحب لقب لإسمعيل بن عبّاد. قوله ½الأستاذ ابن العميد¼ وهو شيخ إسمعيل بن عبّاد.
[4] قوله: [غير هذا أريد] لأنّ هذه الهجنة يمكن الجواب عنها بأنه أشير بمقابلة المدح باللوم إلى أنّ ذمّه لا ينبغي أن يخطر ببال عاقل ولو على سبيل الشرطيّة والتعليق ولو دعا داع فإنما يفرض لومه دون ذمّه.
[5] قوله: [هذا التكرير] هذا مبتدأ وقوله ½خارج¼ و½نافر¼ خبراه. قوله ½كلَّ التنافر¼ أي: تنافراً قويًّا كاملاً, ولا يلزم من هذا أن لا يوجد تنافر أكمل منه فلا ينافي ما سبق من أنّ المثال الثاني دون الأوّل في الثقل.
[6] قوله: [أي: كون الكلام معقّداً] إشارة إلى أنّ التعقيد مصدر مبنيّ للمفعول صفة للكلام, وغرضه الجواب عمّا يقال إنّ التعقيد فعل المتكلّم فهو من صفاته فلا يصحّ حمل قوله ½أن يكون الكلام إلخ¼ عليه؛ لأنّ كون الكلام غير ظاهر الدلالة على المراد من صفات الكلام, وحاصل الجواب ظاهر.