دخلت على فعل منفيّ وامتنع حملها على حقيقة الاستفهام للعلم بعدم النزول مثلاً وتولّد عنه[1] بمعونة قرينة الحال عرضُ النزول على المخاطب وطلبُه منه (ويجوز) تقدير الشرط (في غيرها) أي: في غير هذه المواضع (لقرينة) تدلّ عليه[2] (نحو: ﴿أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۖ فَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡوَلِيُّ﴾[3] [الشورى:٩] أي: إن أرادوا أولياء بحقّ) فالله هو الولي الذي يجب أن يُتوَلّى[4] وحده ويُعتقَد أنه المولى والسيّد، وقيل لا شكّ أنّ قوله: ﴿أَمِ ٱتَّخَذُواْ﴾ إنكار توبيخ بمعنى أنه لا ينبغي[5] أن يتّخذ من دونه أولياء، وحينئذ يترتّب عليه قوله تعالى: ﴿فَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡوَلِيُّ﴾ من
[1] قوله: [وتولّد عنه] أي: عن امتناع حمل الاستفهام على حقيقته وبواسطة حمله على الإنكار لأنّ إنكار النفي يتولّد منه طلبُ ضدّه ومحبّتُه, ففي المثال إنكار عدم النزول يتضمّن طلبَ النزول وعرضَه على المخاطَب فيكون اللفظ الموضوع لطلب الفهم مستعملاً في طلب الحصول. قوله ½قرينة الحال¼ وهو العلم بعدم النزول, والإضافة بيانيّة. قوله ½وطلبُه منه¼ أي: وطلبُ النزول من المخاطَب, تفسير لما قبله.
[2] قوله: [تدلّ عليه] وهي في الآية وجود الفاء الجوابيّة في الجملة مع دلالة الاستفهام في الجملة قبلها على إنكار اتّخاذ سواه تعالى وليًّا. قال: ½بحقّ¼ أي: بلا فساد ولا خلل وصفاً وذاتاً حالاً ومآلاً.
[3] قوله: [فالله هو الوليّ] هذه الجملة دليل على جواب الشرط المحذوف لا أنه نفس الجواب أي: إن إرادوا أولياء بحقّ فليتّخذوا الله وحده لأنّه هو الوليّ؛ وذلك لأنّ ولايته تعالى وجوبها ثابت مطلقاً سواء أرادوا اتّخاذ وليّ أم لم يريدوه وحينئذ فإرادة الوليّ لا تكون سبباً في كون الله تعالى هو الوليّ فلا معنى لتعليقه على ذلك الشرط. قال: ½بحقّ¼ أي: بلا فساد ولا خلل وصفاً وذاتاً حالاً ومآلاً.
[4] قوله: [يجب أن يُتوَلّى] بضم الياء أي: يُتّخَذ وليًّا. قوله ½ويُعتقَد إلخ¼ تفسير لما قبله. قوله ½وقيل لا شكّ إلخ¼ مقابل لقول المصـ فإنّه يجعل الفاء في الآية رابطة لجواب شرط مقدّر وهذا القيل يجعلها للتعليل, وحاصل هذا القيل منع وجود القرينة في المثال لصحّة تفرّع ½فالله هو الوليّ¼ على ما قبله لأنّ الاستفهام المستفاد من قوله ½أم اتّخذوا¼ للإنكار بمعنى النفي والنفي هنا يصحّ أن يترتّب عليه ما بعد الفاء ترتّبَ العلّة على المعلول أي: لا يليق أن يتّخذوا من دون الله وليًّا لأنّ الله هو الوليّ.
[5] قوله: [بمعنى أنّه لا ينبغي إلخ] إشارة إلى أنّ هذا الاستفهام الإنكاريّ بمعنى النفي وأنّ المنفيّ إنّما هو الانبغاء لا الاتّخاذ لأنه واقع. قوله ½وحينئذ إلخ¼ أي: وحين إذا كان هذا الاستفهام إنكاريًّا بمعنى النفي. قوله ½كما يقال إلخ¼ هذا تنظير بشيء متّفق عليه وذلك لأنّ الفاء هنا للسببيّة لترتّب ما بعدها على ما قبلها ترتّبَ العلّة على المعلول وليست رابطة لجواب شرط مقدّر فمثلها الفاء في الآية لأنّ ½أم اتّخذوا¼ في معنى: لا ينبغي أن يتّخذوا.