ولم يعتدّ[1] ببدل الكلّ لأنّه إنّما يتميّز عن التأكيد بمغايرةِ اللفظين وكونِ المقصود هو الثاني وهذا[2] لا يتحقّق في الجمل لا سيّما التي لا محلّ لها من الإعراب[3] (مع ما بينهما) أي: بين عدم الإقامة والارتحال (من الملابسة) اللزوميّة[4] فيكون بدلَ الاشتمال، والكلامُ[5] في أنّ الجملة الأولى أعني ½ارْحَلْ¼ ذات محلّ من الإعراب مثلُ ما مرّ في ½أَرْسُوْا نُزَاوِلُهَا¼، وإنّما قال[6] في المثالين ½إنّ الثانية أوفى¼ لأنّ الأولى وافية مع ضرب من القصور باعتبار
[1] قوله: [ولم يعتدّ إلخ] أي: وإنّما لم ينف المصـ كونه بدل الكلّ كما نفى كونَه تأكيداً وبدلَ البعض لأنه لم يعتدّ إلخ. قوله ½لأنه إنما إلخ¼ أي: وإنّما لم يعتدّ ببدل الكلّ لفقد وجوده وإغناء التأكيد عنه في الجمل لأنّ بدل الكلّ إنّما إلخ. قوله ½بمغايرةِ اللفظين¼ أي: دائماً في البدل بخلاف التأكيد. قوله ½وكونِ المقصود إلخ¼ أي: وبكون المقصود من البدل هو الثاني.
[2] قوله: [وهذا إلخ] أي: ما ذكر من مغايرةِ اللفظين وكونِ المقصود هو الثاني لا يتحقّق في الجمل لأنّ التأكيد في الجمل فيه مغايرة بين اللفظين دائماً وكلّ من الجمل مستقلّ فيكون كلّ منها مقصوداً فلو كان يجري بدل الكلّ في الجمل لما تميّز عن التأكيد.
[3] قوله: [لا محلّ لها من الإعراب] وذلك لأنه لا يتصوّر فيها أن تكون الثانية هي المقصودة بالنسبة إذ لا نسبة بين الأولى وشيء آخر حتّى تنقل إلى الثانية وتجعل الثانية بدلاً من الأولى في تلك النسبة, وكلام الشارح صريح في أنّ بدل الكلّ لا يجري في الجمل مطلقاً سواء كان لها محلّ أو لا, وذكر العلاّمة السيّد أنه خاص بما لا محلّ له وقوله ½إنما نحن مستهزؤن¼ بدل الكلّ من قوله ½إنا معكم¼.
[4] قوله: [اللزوميّة] لأنّ الأمر بالشيء كالرحيل يستلزم النهي عن ضدّه كالإقامة. قوله ½فيكون بدلَ الاشتمال¼ تفريع على قوله ½مع ما بينهما من الملابسة¼.
[5] قوله: [والكلامُ] مبتدأ. قوله ½مثلُ إلخ¼ خبر المبتدأ. وهذا جواب عن سؤال مقدّر حاصله أنّ كلامنا في الجمل التي لا محلّ لها من الإعراب وقوله ½ارْحَلْ لا تقيمنّ¼ محكيّان بالقول فمحلّهما نصب, وحاصل الجواب أنّ هذا مثال لكمال الاتّصال بين الجملتين بسبب كون الثانية بدل الاشتمال عن الأولى مع قطع النظر عن كون الجملتين لهما محلّ من الإعراب أو لا كما مرّ في ½ارْسُوْا نُزَاوِلُهَا¼.
[6] قوله: [وإنّما قال إلخ] بيان لفائدة العبارة أي: وإنّما قال المصـ في المثالين المذكورين ½إنّ الثانية أوفى¼ ليفهم منه أنّ الجملة الأولى في القسمين وافية أيضاً لأنّ الأولى في القسم الأوّل دالّة على النعم المذكورة بالعموم والثانية إنّما تفوقها بدلالتها عليها بالخصوص, وكذا الأولى في القسم الثاني دالّة على الغرض باللزوم والثانية إنّما تفوقها بدلالتها عليه بالمطابقة.