عنوان الكتاب: مختصر المعاني

عطف على قوله: ½إمّا في النظم¼ أي: لا يكون الكلام ظاهر الدلالة على المراد لخلل واقع في انتقال الذهن[1] من المعنى الأوّل المفهوم بحسَب اللغة إلى الثاني المقصود وذلك[2] بسبب إيراد اللوازم البعيدة المفتقرة إلى الوسائط الكثيرة مع خَفاء القرائن[3] الدالّة على المقصود (كقول الآخر) وهو عبّاس بن الأحنف[4] ولَم يقل ½كقوله¼ لئلاّ يتوهّم عود الضمير إلى الفرزدق (سَأَطْلُبُ بُعْدَ الدَارِ عَنْكُمْ لِتَقْرُبُوْا * وَتَسْكُبُ) بالرفع[5] وهو الصحيح (عَيْنَايَ الدُمُوْعَ لِتَجْمُدَا) جَعَل سكب[6] الدموع كناية عمّا يلزم فراقَ الأحبّة من الكآبة والحزن وأصاب[7]، لكنه أخطأ في جعل جمود العين كناية عمّا يوجِبه دوامُ التلاقي من الفرح والسرور


 



[1]  قوله: [انتقال الذهن] لمّا كان الانتقال يقتضي المنتقِلَ والمنتقَلَ منه والمنتقَلَ إليه أشار إلى الأوّل بقوله ½الذهن¼ وإلى الثاني بقوله ½المعنى الأوّل¼ وبقوله ½الثاني¼ إلى الثالث. قوله ½المفهوم بحسَب اللغة¼ إشارة إلى أنّ المراد بالمعنى الأوّل هو هذا المعنى, فهو وصف كاشف للمعنى, وكذا قوله ½المقصود¼.

[2]  قوله: [وذلك إلخ] أي: والخلل الواقع في الانتقال يكون بسبب إيراد المعاني اللوازم البعيدة بلفظ الملزومات, والمراد باللازم هنا ما اصطلح عليه علماء البيان وهو كلّ شيء وجوده على سبيل التبعيّة لآخر وإن كان أخصّ. قوله ½المفتقرة إلخ¼ بيان لكون اللوازم بعيدة فهو وصف كاشف لها.

[3]  قوله: [مع خَفاء القرائن إلخ] أي: بعدم الجريان على أسلوب البلغاء, فلو كانت القرينة ظاهرة فلا خلل سواء تعدّدت الوسائط نحو ½زيد كثير الرماد¼ أو لا مثل ½بكر طويل النِجاد¼ أي: طويل القامة.

[4]  قوله: [وهو عبّاس بن الأحنف] تعيين ½الآخر¼. قوله ½ولم يقل إلخ¼ بيان لفائدة العبارة.

[5]  قوله: [بالرفع] أي: عطفاً على مجموع ½سأطلب¼. قوله ½وهو الصحيح¼ إمّا لأنه ثبت عنده بالنقل الصحيح, وإمّا لأنّ الصحيح عنده في معنى البيت ما ذكره الشيخ وهو مبنيّ على الرفع.

[6]  قوله: [جعل سكب إلخ] أي: ليس مراده بقوله ½وتسكب عيناي الدموع¼ معناه الحقيقيّ وهو الإخبار بسكب عينيه الدموع بل المقصود به الإخبار بلازمه وهو الحزن فكأنه قال: وأوطن نفسي على مقاساة الأحزان. قوله ½عمّا يلزم¼ أي: عن لازم يلزم, ولو قال ½عمّا يلزم سكب الدموع¼ لكان أحسن. قوله ½من الكأبة والحزن¼ بيان لـ½مَا¼, والكأبة سوء الحال من أجل الحزن فعطف الحزن عليها من عطف السبب على المسبّب.

[7]  قوله: [وأصاب] أي: أصاب الشاعر في جعل سكب الدموع كناية عن الحزن لأنه ينتقل الذهن منه إلى الحزن بسهولة, ولهذا يقال ½أبكاه الدهر¼ كناية عن كونه أحزنه. قوله ½لكنّه أخطأ إلخ¼ أي: لكنّ الشاعر أخطأ في جعل جمود العين كناية عن الفرح لأنه لا ينتقل الذهن منه إلى الفرح بسهولة, وهذا الكلام إشارة إلى أنّ قول المصـ ½فإنّ الانتقال إلخ¼ علّة لجعل البيت مثالاً للخلل الواقع في الانتقال.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471