القوّة المُدرِكة للمعاني الجزئيّة الموجودة في المحسوسات من غير أن تتأدّى إليها[1] من طُرُق الحواسّ كإدراك الشاة معنى في الذئب، وبالخيال القوّة التي تجتمع فيها صور المحسوسات وتبقى فيها[2] بعد غيبتها عن الحسّ المشترك وهي القوّة التي تتأدّى إليها صور المحسوسات من طرق الحواسّ الظاهرة، وبالمفكرة القوّة التي من شأنها التفصيل[3] والتركيب بين الصور المأخوذة عن الحسّ المشترك والمعاني المدرَكة بالوهم بعضها مع بعض، ونعني[4] بالصور ما يمكن إدراكه بإحدى الحواسّ الظاهرة وبالمعاني ما لا يمكن، فقال السكاكي[5] الجامع بين الجملتين إمّا عقليّ وهو أن يكون بين الجملتين اتّحاد في تصوّر
[1] قوله: [من غير أن تتأدّى إليها] أي: من غير أن تصل إلى تلك القوّة, وهذا زيادة توضيح إذ المراد بالمعاني ما يقابل الصور والواصل إليها من الحواسّ هو الصور, فالمبصرات والمسموعات والمشمومات والمذوقات والملموسات داخلة في الصور لا في المعاني. قوله ½كإدراك الشاة¼ مثال للوهم أي: كالقوّة التي تدرك به الشاة معنى في الذئب وهو الإيذاء والعداوة, فالعداوة التي في الذئب معنى جزئيّ تدركه الشاة بالواهمة ولم يصل إليها هذا المعنى من حاسّة ظاهرة.
[2] قوله: [وتبقى فيها] أي: وتبقى تلك الصور في تلك القوّة. قوله ½وهي¼ أي: والحسّ المشترك وتأنيث الضمير باعتبار القوّة. قوله ½تتأدّى إليها¼ أي: تصل إليها, فهي كحوض يصبّ فيها من أنابيب خمسة.
[3] قوله: [التفصيل] أي: التحليل والتفكيك كأن تتصوّر أن لا رأس للإنسان ولا عِلم للعِلم ولا جمود للحجر. قوله ½والتركيب¼ كأن تتصوّر أنّ لزيد رأسين وللعِلم عداوة وللماء جموداً.
[4] قوله: [ونعني إلخ] بيان المراد بالصور والمعاني المأخوذة في بيان المراد بالمفكِّرة. قوله ½وبالمعاني¼ أي: ونعني بالمعاني المُدرَكة بالوهم ما لا يمكن إدراكه بالحواسّ الظاهرة من المعاني الجزئيّة.
[5] قوله: [فقال السكّاكي] عطف على قوله ½ذكر¼ سابقاً, وقوله ½السكّاكي¼ إظهار في موضع الإضمار لبعد العهد بكثرة الفصل. قوله ½في تصوّر مّا¼ أي: في متصوّر مّا, كما سيذكره الشارح.