مّا مثل الاتّحاد[1] في المخبر عنه أو في الخبر أو في قيد من قيودهما، وهذا ظاهر في أنّ المراد بالتصوّر الأمر المتصوّر، ولمّا كان مقرَّراً[2] أنه لا يكفي في عطف الجملتين وجود الجامع بين مفردين من مفرداتهما باعتراف السكاكي أيضاً غيّر[3] المصنف عبارة السكّاكي فقال (الجامع بين الشيئين إمّا عقليّ) وهو أمر بسببه يقتضي العقل اجتماعَهما في المُفكِّرة[4] وذلك (بأن يكون بينهما اتّحاد في التصوّر أو تماثل فإنّ العقل[5] بتجريده المثلين عن التشخّص في
[1] قوله: [مثل الاتّحاد إلخ] يفهم منه أنّ الاتّحاد في واحد من المسند إليه والمسند وقيد من قيودهما كاف للجمع بين الجملتين نحو ½زيد قائم وزيد شاعر¼ و½زيد كاتب وبكر كاتب¼ و½زيد الراكب قائم وبكر الراكب ضارب¼ وفساده واضح, وإلى هذا الاعتراض يشير بقوله الآتي: ½ولمّا كان إلخ¼ وسيجيب عنه بأنّ كلامه هنا في بيان الجامع في الجملة لا في بيان القدر الكافي في الجمع بين الجملتين فلا إشكال. قوله ½وهذا¼ أي: قوله مثل الاتّحاد إلخ. قوله ½ظاهر إلخ¼ وذلك لأنّ المخبر عنه والخبر والقيد التي مثّل بها للتصوّر أمور متصوّرة لا تصوّرات.
[2] قوله: [مقرَّراً] خبر لـ½كان¼ مقدّم على اسمها وهو قوله ½أنه لا يكفي إلخ¼. قوله ½لا يكفي في عطف إلخ¼ أي: بل لا بدّ فيه من جامع بين جميع الأجزاء الأربعة على الوجه السابق. قوله ½باعتراف إلخ¼ فإنّه ذكر عدم كفايته فيه في موضع آخر وإن كانت عبارته المذكورة هنا تؤذن بالكفاية.
[3] قوله: [غيّر إلخ] جواب ½لمّا¼, أي: غيّر عبارتَه لإصلاحها لما فيها من إيهام خلاف المقصود فأبدل ½الجملتين¼ بـ½الشيئين¼ المعرّف بلام الاستغراق بمعنى أنّ كلّ شيئين من الجملتين يجب الجامع بينهما وأبدل ½تصوّر¼ المنكّر بـ½التصوّر¼ المعرّف بلام الجنس ليفيد أنّ الجامع الاتّحادُ في جنس المتصوّر فيصدق بتصوّر المسندين والمسند إليهما في الجملتين ولا يكفي الاتّحاد في متصوّر واحد.
[4] قوله: [في المُفكِّرة] أي: التي هي المتصرِّفة الآخذة من غيرها ما تتصرّف فيه بالحلّ والتركيب على وجه الصحّة والبطلان. قوله ½وذلك إلخ¼ أي: والجامع العقليّ يصوّر بأن يكون إلخ.
[5] قال: [فإنّ العقل إلخ] بيانٌ لوجه كون التماثل جامعاً عقليًّا وجوابٌ عمّا يقال إنّ المثلين قد يكونان جزئيّين جسمانيّين والعقل لا يدرك الجزئيّات الجسمانيّة فكيف يجمع العقل بينهما في المفكِّرة, وحاصل الجواب أنّ العقل يرفع التعدّد الحاصل بين المثلين المتّحدين في الحقيقة المختلفين بالعوارض كزيد وبكر بسبب تجريدهما عن التشخّصات الخارجيّة المميِّزة لهما فيصيران شيئاً واحداً عند المفكِّرة كالمتّحدين, ثمّ هذا السؤال والجواب مبنيّان على زعمهم الباطل من أنّ العقل لا يدرك إلاّ الكليّ والجزئي المجرّدين, والحقّ أنّ العقل يدرك كلّ شيء بواسطة آلات القوى وبغيرها.