عنوان الكتاب: مختصر المعاني

في اجتماعهما عند المفكرة بخلاف العقل فإنّه إذا خلي ونفسَه[1] لم يحكم بذلك، وذلك[2] (بأن يكون بين تصوّريهما شبه تماثل كلَونَيْ بَياضٍ وصُفرةٍ فإنّ الوهم يُبرِزهما في معرِض المِثلَين) من جهة أنه[3] يسبق إلى الوهم أنهما نوع واحد زِيْدَ في أحدهما عارض بخلاف العقل فإنّه يعرف أنهما نوعان متباينان داخلان تحت جنس هو اللون (ولذلك) أي: ولأنّ الوهم يُبرِزهما في معرِض المِثلَين (حسن الجمع بين الثلاثة التي في قوله: ثَلاَثَةٌ تُشْرِقُ الدُّنْيَا بِبَهْجَتِهَا * شَمْسُ الضُّحَى وَأَبُوْ إِسْحَاقَ وَالْقَمَرُ) فإنّ الوهم يتوهّم أنّ الثلاثة[4] من نوع واحد وإنّما اختلفت بالعوارض، والعقل يعرف أنها أمور متباينة (أو) يكون بين تصوّريهما (تضادّ)


 



[1] قوله: [إذا خلّي ونفسَه] أي: مع نفسه بأن لم يتّبع الوهمَ. قوله ½لم يحكم بذلك¼ أي: بالاجتماع لهذا الأمر لأنّ العقل إنّما يدرك الأمور على حقائقها بخلاف الوهم فإنّ شأنه إدراك الأمور لا على حقائقها, وأمّا لو اتّبع العقل الوهم لحكم بالاجتماع لهذا الأمر ولذا قال ½إذا خلّي ونفسَه¼.

[2] قوله: [وذلك إلخ] أي: والجامع الوهميّ يصوّر بأن يكون إلخ. قال: ½كلَوْنَيْ بَياضٍ وصفرةٍ¼ الإضافة فيه بيانيّة أي: كلَونَينِ هما بَياض وصُفرة فإنّ بينهما شبه تماثل فيجوز أن يقال ½بياض الفضّة يُذهِب الغمّ وصُفرة الذهَب تُذهِب الهمّ¼. قال: ½فإنّ الوهم إلخ¼ تعليل للتمثيل أو توجيه لكون هذا القسم وهميًّا. قال: ½في معرِض المِثلَين¼ أي: في صفتهما أو في حالهما.

[3] قوله: [من جهة أنه إلخ] متعلِّق بـ½يُبرِز¼ والضمير للشأن. قوله ½زِيدَ في أحدهما عارض¼ حاصله أنّ الوهم يدّعي أنّ أصل الصفرة بياض زِيدَ فيه شيء يسير من الكدرة أو أنّ أصل البياض صفرة زِيدَ فيه شيء يسير من الإشراق فهما نوع واحد, وسبب ادّعاء الوهم أنهما ولو كانا ضدّين لكن ليس بينهما من الضدّيةِ وغايةِ الخلاف ما بين البياض والسواد بل بينهما كما بين السواد والحمرة.

[4] قوله: [أنّ الثلاثة] أي: الشمس وأبا إسحاق والقمر. قوله ½من نوع واحد¼ وهو المُنوِّر للدنيا. قوله ½وإنّما اختلف بالعوارض¼ وهي كون الشمس كوكباً نهاريًّا وكون القمر كوكباً ليليًّا وكون أبي إسحاق حيواناً ناطقاً, ووجه توهّم الوهم هو اشتراك الثلاثة في إشراق الدنيا وإن كان الإشراق في اثنين حسيًّا وفي ثالث عقليًّا بإفاضة أنواع الإحسان بتنزيل ذلك المعقول منزلة المحسوس لكمال ظهوره.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471