عنوان الكتاب: مختصر المعاني

وهو التقابل بين أمرين وجوديّـين[1] يتعاقبان على محلّ واحد (كالسواد والبياض) في المحسوسات[2] (والإيمان والكفر) في المعقولات، والحقّ أنّ بينهما[3] تقابلَ العدَم والملَكة لأنّ الإيمانَ هو تصديق النبيّ عليه الصلاة والسلام في جميع ما علم مجيئه به بالضرورة أعني قبول النفس لذلك والإذعان[4] له على ما هو تفسير التصديق في المنطق عند المحقِّقين مع الإقرار به باللسان والكفرَ عدم الإيمان عمّا من شأنه الإيمان، وقد يقال[5]


 



[1] قوله: [أمرين وجوديّين] خرج به تقابلُ الإيجاب والسلب كتقابل الحركة وعدمها, وتقابلُ العدم والملَكة وهو ثبوت شيء وعدمه عمّا من شأنه ذلك كتقابل العمى والبصر. قوله ½يتعاقبان¼ أي: يوجدان على التعاقب ولا يجتمعان. قوله ½في محلّ واحد¼ دخل به التضادّ بين الجواهر أعني الصور النوعيّة للعناصر, ومن لم يثبت التضادّ بينها اعتبر الموضوع مكان المحلّ, والموضوع مخصوص بالجوهر ذي الصورة فعلى هذا لا يتقابل إلاّ الأعراض وتخرج الصور النوعيّة.

[2] قوله: [في المحسوسات] أي: حال كونهما من المحسوسات. وكذا قوله ½في المعقولات¼ أي: حال كونهما من المعقولات أي: فيجوز أن يقال ½ذهب السواد وجاء البياض¼ و½الإيمان حسن والكفر قبيح¼.

[3] قوله: [بينهما] أي: بين الإيمان والكفر. قوله ½تقابلَ العدَم والملَكة¼ وهو ثبوت شيء وعدمه عمّا من شأنه ذلك أي: ليس بينهما تقابل التضادّ كما هو ظاهر كلام المصـ فالمناسب جعل ذلك من شبه التضادّ.

[4] قوله: [والإذعان إلخ] أي: والانقياد لما علم مجيئه به بالضرورة وهو قول النفس ½آمنت وصدّقت¼, وهذا تفسير لما قبله. قوله ½على ما هو إلخ¼ أي: على وجه هو تصديق عند المناطقة المحقِّقين وهو إدراك وقوع النسبة أو لاوقوعها على وجه الإذعان والقبول لا على وجه هو تصديق عند غيرهم وهو إدراك وقوع النسبة أو لاوقوعها مطلقاً أي: وإن لم يكن ذلك الإدراك على وجه الإذعان. قوله ½عمّا من شأنه الإيمان¼ خرج به الجمادات والحيوانات العجم فلا يقال إنها كافرة لأنه ليس من شأنها أن تتّصف بالإيمان, وهكذا شأن تقابل العدَم والملَكة لا بدّ فيه من اعتبار قبول المحلّ.

[5] قوله: [وقد يقال] هذا مقابل لقوله ½والحقّ أنّ إلخ¼. قوله ½من ذلك¼ أي: ممّا علم مجيء النبيّ به بالضرورة. قوله ½فيكونان إلخ¼ أي: فيكون الإيمان والكفر متضادّين ويصحّ تمثيل المصـ بهما للتضادّ. وثمرة الخلاف أنّ كلاًّ منهما يكون مخلوقاً على القول بكونهما وجوديّين ويكون الإيمان فقط مخلوقاً على القول بكون الإيمان وجوديًّا والكفر عدميًّا لأنّ الخلق كالإرادة لا يتعلّق إلاّ بالأمور الموجودة.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471