(وأمّا المقارنة[1] فلكونه مضارعاً) فيصلح للحال كما يصلح للاستقبال، وفيه نظر[2] لأنّ الحال التي يدلّ عليها المضارع هو زمان التكلّم وحقيقته[3] أجزاء متعاقبة من أواخر الماضي وأوائل المستقبل، والحال التي نحن بصددها يجب أن تكون مقارنة لزمان وقوع مضمون الفعل المقيّد بالحال[4] ماضياً كان أو حالاً أو مستقبلاً فلا دخل للمضارعة في المقارنة، فالأولى أن يعلّل[5] امتناع الواو في المضارع المثبت بأنه على وزن اسم الفاعل لفظاً وبتقديره معنى
[1] قال: [وأمّا المقارنة] أي: وأمّا دلالة المضارع المثبت على مقارنة الحصول لما جعلت قيداً له فلكونه مضارعاً. قوله ½فيصلح للحال إلخ¼ أي: وحينئذ فيكون مضمونه مقارناً للعامل إذا وقع حالاً, ولا يخفى أنّ قوله ½فيصلح للحال إلخ¼ فيه أنّ المضارع حينئذ لا يفيد المقارنة على التعيين بل يحتملها ويحتمل التأخّر عن العامل, فلو قال بعد قول المصـ ½مضارعاً¼: ½وهو حقيقة في الحال¼ كان أولى.
[2] قوله: [وفيه نظر] أي: وفي هذا التعليل وقوله ½وأمّا المقارنة فلكونه مضارعاً¼ نظر لأنه لا ينتج الدعوى, وحاصل النظر أنّ الحال النحويّة التي نحن بصددها ينبغي أن يكون مضمونها مقارناً لزمان مضمون عاملها ماضياً كان ذلك الزمان أو حالاً أو مستقبلاً والحال الذي يدلّ عليه المضارع إنّما هو زمان التكلّم فالمقارنة المقصودة في الحال لا ينتجها المضارع والتي ينتجها ليست بمقصودة.
[3] قوله: [وحقيقته] أي: وحقيقة زمان التكلّم الذي يدلّ عليه المضارع. قوله ½أجزاء متعاقبة إلخ¼ أي: مع الآن الحاضر, وهذا هو الحال الزمانيّ العرفي فهو غير بسيط, والحال الزماني الحقيقيّ هو الجزء الآنيّ الفاصل بين الماضي والمستقبل فهو بسيط.
[4] قوله: [المقيَّد بالحال] إظهار في محلّ الإضمار للإيهام إذ المقام أن يقول ½المقيَّد بها¼ لتقدّم ذكر الحال. قوله ½ماضياً كان إلخ¼ أي: ماضياً كان زمانُ وقوع مضمون الفعل العامل في الحال أو حالاً أو مستقبلاً. قوله ½فلا دخل للمضارعة في المقارنة¼ أي: في المقارنة المقصودة هنا.
[5] قوله: [فالأولى أن يعلَّل إلخ] ووجه أولويّة هذا التعليل أنه سالم من الخدش المذكور وأخصر من التعليل الذي ذكره المصـ. قوله ½على وزن اسم الفاعل لفظاً¼ أي: لتوافقهما في الحركات والسكنات. قوله ½وبتقديره معنى¼ لأنّ كلاًّ منهما يصحّ أن يستعمل مكان الآخر مضيًّا أو حالاً أو استقبالاً, والحاصل أنّ اسم الفاعل تمتنع فيه الواو فالمضارع المثبت مثله, وفيه أنّ هذه العلّة أيضاً موجودة في المضارع المنفيّ مع أنّ الواو تجوز فيه إلاّ أن يقال هذا تعليل بعد الوقوع فهو في معنى الحكمة ولا يلزم اطّرادها.