(المضارع حكاية للحال) الماضية ومعناها[1] أن يفرض ما كان في الزمان الماضي واقعاً في هذا الزمان فيعبّر عنه بلفظ المضارع[2] (وإن كان الفعل) مضارعاً (منفيًّا فالأمران) جائزان[3] الواو وتركه (كقراءة ابن ذكوان: ﴿فَٱسۡتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ﴾ [يونس:٨٩] بالتخفيف) أي: بتخفيف النون[4] فيكون ½لاَ¼ للنفي دون النهي لثبوت النون التي هي علامة الرفع فلا يصحّ عطفه على الأمر قبله فيكون الواو للحال بخلاف[5] قراءة العامّة: ﴿وَلَا تَتَّبِعَآنِّ﴾ بالتشديد فإنّه
[1] قوله: [ومعناها إلخ] أي: ومعنى حكاية الحال الماضية أن يفرض ما كان في الزمان الماضي واقعاً في هذا الزمان كما في قوله تعالى: ﴿قُلۡ فَلِمَ تَقۡتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبۡلُ﴾ [البقرة:٩١] وهذا المعنى مأخوذ من كلام صاحب "الكشّاف" واستحسنه الرضي, وقال الأندلسيّ إنّ معنى حكاية الحال الماضية أن تقدِّر نفسك كأنك موجود في الزمان الماضي أو تقدِّر ذلك الزمان كأنه موجود الآن.
[2] قوله: [فيعبّر عنه بلفظ المضارع] تخصيص لفظ المضارع بالنظر إلى المثال المذكور الذي الكلام فيه وإلاّ فقد يعبّر عنه بلفظ اسم الفاعل كما صرّحوا به في قوله تعالى: ﴿وَكَلۡبُهُم بَٰسِطٞ ذِرَاعَيۡهِ بِٱلۡوَصِيدِۚ﴾ [الكهف:١٨] ولذا عمل ½باسط¼ في المفعول الذي هو ½ذراعيه¼ مع أنه يشترط في إعمال اسم الفاعل أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال.
[3] قوله: [جائزان] أي: على السواء وإن رجّح بعضهم الترك, وهذا إشارة إلى أنّ قوله ½فالأمران¼ مبتدأ محذوف الخبر. قوله ½الواو وتركه¼ بيان للأمرين.
[4] قوله: [أي: بتخفيف النون] إشارة إلى أنّ اللام في قوله ½بالتخفيف¼ عوض عن المضاف إليه المحذوف. قوله ½لثبوت النون إلخ¼ علّة لعدم كون ½لاَ¼ للنهي. قوله ½فلا يصحّ عطفه على الأمر قبله¼ فإنّه يمتنع عطف الخبر على الإنشاء عند علماء المعاني لوجود كمال الانقطاع بين الجملتين. قوله ½فيكون الواو للحال¼ فيه أنّ ½ولا تتبعان¼ على تقدير كونه حالاً يكون حالاً مؤكِّدة لأنّ الاستقامة تتضمّن عدم اتّباع سبيل الذين لا يعلمون وكلامنا في الحال المنتقلة لا في المؤكِّدة.
[5] قوله: [بخلاف إلخ] إشارة إلى أنّ التقييد بقوله ½بالتخفيف¼ لتعيين المثال لما مثّل له وهو جواز مجيء الواو مع الفعل المضارع المنفيّ إذا وقع حالاً. قوله ½قراءة العامّة¼ أي: قراءة عامّة القرّاء أي: جميعهم ما عدا ابن ذكوان. قوله ½فإنّه نهي مؤكَّد¼ أي: بنون التأكيد الثقيلة والفعل مجزوم بحذف نون الرفع, ولا يجوز على هذه القراءة أن يكون نفياً بحذف نون الرفع لتوالي الأمثال لأنّ المنفيّ لا يؤكَّد.