ٱلۡعَظۡمُ مِنِّي﴾ الآية، [مريم:٤] فإنّه إطناب بالنسبة إلى المتعارف أعني قولنا ½يا ربِّ شِخْتُ¼[1] وإيجاز بالنسبة إلى مقتضى المقام ظاهراً لأنّه مقام بيان انقراضِ الشباب وإلمامِ المَشيب فينبغي أن يُبسَط فيه الكلام غاية البسط، فللإيجاز معنيان[2] بينهما عموم من وجه (وفيه نظر[3] لأنّ كون الشيء أمراً نِسبيًّا لا يقتضي تعسّر تحقيق معناه) إذ كثيراً مّا[4] تُحقَّق معاني
[1] قوله: [½يا ربِّ شِخْتُ¼] أي: صرت شيخاً. قوله ½ظاهراً¼ أي: وإن كان باطن المقام يقتضي الاقتصار على ما ذكر ليتفرّغ لطلب المقصود. قوله ½وإلمامِ المَشيب¼ من عطف اللازم على الملزوم, والإلمام النزول. قوله ½غاية البسط¼ كأن يقال ½وهن أعظُم اليد والرجل وضعفت جارحة العين ولانت حدة الأذن¼ إلى غير ذلك.
[2] قوله: [فللإيجاز معنيان] وهما كونُ الكلام أقلّ من المتعارف وكونُه أقلّ ممّا يقتضيه ظاهر الحال, ويمكن اعتبار هذين المعنيين في الإطناب أيضاً لكنه تركه لانسياق الذهن إليه ممّا ذكره في الإيجاز, ثمّ قوله ½فللإيجاز معنيان¼ مبني على ما يفهم من ظاهر كلام السكّاكي من أنه لا فرق بين الإيجاز والاختصار عنده, وأمّا ما في "المطوّل" من قوله: نعم! لو قيل: الإيجاز أخصّ باصطلاحه لأنه لم يطلقه على ما هو بالنسبة إلى مقتضى المقام لم يبعد, فلعلّه بيان لما مال إليه الشارح نفسه. قوله ½عموم من وجه¼ لأنهما يجتمعان في كلام أقلّ من المتعارف ومن مقتضى الظاهر نحو ½ربِّ شخت¼ إذ المتعارف ½يا ربّي شخت¼ ومقتضى الظاهر أن يبسط غاية البسط, وينفرد الثاني وهو كونه أقلّ ممّا يقتضيه الظاهر في الآية المذكورة إذ مقتضى الظاهر غاية البسط, وينفرد الأوّل وهو كونه أقلّ من المتعارف في قول الصياد ½غزال¼ إذ المتعارف ½هذا غزال¼.
[3] قال: [وفيه نظر] أي: وفيما ذكره السكّاكي أوّلاً وثانياً نظر, وفي "الأطول": قد قصر نظر المصـ وفات عنه أمران ظاهران أحدهما أنهم جعلوا نحو ½نعم الرجل زيد¼ من الإطناب ولا عبارة للأوساط غيره, وثانيهما أنّ السكّاكي لم يحفظ تعريف الإيجاز عن دخول الإخلال فيه وتعريف الإطناب عن دخول الحشو والتطويل.
[4] قوله: [إذ كثيراً مّا إلخ] تعليل لعدم اقتضاء كون الشيء أمراً نسبيًّا تعسّرَ تحقيق معناه. قوله ½وتُعرَف إلخ¼ عطف تفسير لـ½تُحقَّق إلخ¼. قوله ½كالأبوّة¼ فإنهم عرّفوها بكون الحيوان متولِّداً من نطفته آخرُ من نوعه, وكذا عرّفوا الأخوّة بكون الحيوان متولِّداً هو وغيره من نطفة آخر من نوعهما. قوله ½وغيرهما¼ كالبنوّة فإنهم عرّفوها بكون الحيوان متولِّداً من نطفةِ آخرَ من نوعه.