الأمور النِسبيَّة وتُعرَف بتعريفات تليق بها كالأبوّة والأخوّة وغيرهما، والجواب أنه[1] لم يرد تعسّر بيان معناهما لأنّ ما ذكره بيان لمعناهما بل أراد تعسّر التحقيق والتعيين في أنّ هذا القدر إيجاز وذلك إطناب (ثمّ البناء[2] على المتعارفِ والبسطِ الموصوف) بأن يقال الإيجاز هو الأداء بأقلّ من المتعارف[3] أو ممّا يليق بالمقام من كلام أبسط من الكلام المذكور (ردّ إلى الجهالة) إذ لا تُعرَف[4] كميّةُ متعارف الأوساط وكيفيّتُها لاختلاف طبقاتهم ولا يُعرَف[5] أنّ كلّ مقام أيَّ مقدار يقتضي من البسط حتّى يُقاسَ عليه ويُرجَع
[1] قوله: [والجواب أنه إلخ] أي: وجواب هذا النظر أنه لم يرد بقوله ½لا يتيسّر الكلام فيهما¼ تعسّرَ بيان معناهما كما فهمه صاحب النظر لأنّ ما ذكره في تعريفهما هو بيان لمعناهما فهذا دليل على عدم هذه الإرادة بل أراد أنه يتعسّر التعريف المعيِّن لمقدار كلّ منهما بحيث لا يزاد عليه ولا ينقص وهذا متعسِّر البتّة.
[2] قوله: [ثمّ البناء إلخ] اعتراض ثان حاصله أنّ ما ذكره السكّاكي في تعريفهما من البناء على المتعارف والبناء على البسط اللائق بظاهر المقام في الحقيقة ردّ إلى الجهالة مع أنّ المطلوب من التعريف الإخراج منها.
[3] قوله: [بأن يقال الإيجاز هو الأداء بأقلّ من المتعارف] تصوير للبناء على المتعارف. قوله ½أو ممّا يليق بالمقام إلخ¼ عطف على قوله ½من المتعارف¼ أي: أو بأن يقال الإيجاز هو الأداء بأقلّ ممّا يليق بالمقام إلخ فهذا تصوير للبناء على البسط الموصوف.
[4] قوله: [إذ لا تُعرَف إلخ] علّة لردّ البناء على المتعارف إلى الجهالة. قوله ½وكيفيّتُها¼ أي: وكيفيّة المتعارف, وتأنيث الضمير الراجع إلى المتعارف باعتبار أنه عبارة عن العبارة, والمراد بالكيفيّة تقديم بعض الكلمات وتأخير بعض وغير ذلك, والكيفيّة وإن كان لا يتعلّق بها الغرض ههنا إلاّ أنّ الجهل بها يزداد به جهل الشيء فيكون التعريف المأخوذ فيه لفظُ المتعارف مجهولاً. قوله ½لاختلاف طبقاتهم¼ علّة لقوله ½إذ لا تعرف إلخ¼ أي: إنّما لا تُعرَف كميّة المتعارف لاختلاف مراتب الأوساط فمنهم من يعبِّر عن معنى بعبارة قصيرة ومنهم من يعبِّره بطويلة.
[5] قوله: [ولا يُعرَف إلخ] عطف على قوله ½لا تُعرَف إلخ¼ وهذا علّة لردّ البناء على البسط الموصوف إلى الجهالة. قوله ½أيَّ مقدار¼ مفعول مقدّم لـ½يقتضي¼. قوله ½حتّى يقاس عليه¼ أي: فيحكم بأنّ هذا أقلّ منه أو أكثر, وهذا غاية للمنفيّ وهو المعرفة, وضمير ½عليه¼ راجع إلى المقدار الذي يقتضيه المقام. قوله ½ويُرجَع إليه¼ عطف تفسير لقوله ½يُقاس عليه¼ أي: فيكون التعريف المأخوذ فيه المقدارُ المقتضَى للمقام مجهولاً.