إليه، والجواب[1] أنّ الألفاظ قوالب المعاني والأوساط الذين[2] لا يقدرون في تأدية المعاني على اختلافِ العبارات والتصرّفِ في لطائف الاعتبارات لهم حدّ معلوم من الكلام يجري بينهم في المحاورات والمعاملات وهذا معلوم للبلغاء وغيرهم فالبناء على المتعارف واضح بالنسبة إليهما جميعاً، وأمّا البناء[3] على البسط الموصوف فإنّما هو للبلغاء العارفين لمقتضَيات الأحوال بقدر ما يمكن لهم فلا يجهل عندهم ما يقتضيه كلّ مقام من مقدار البسط (والأقرب[4]) إلى الصواب (أن يقال المقبول من طرق التعبير عن المراد[5] تأدية أصله
[1] قوله: [والجواب إلخ] هذا جواب عن كون المتعارف مجهولاً, وحاصله أنا لا نسلِّم أنّ المتعارف مجهول لأنّ التصرّفَ في العبارة بما يوجب طولَها وقصرَها من اللطائف الزائدة على أصل المعنى إنّما هو شأن البلغاء ولا يقدر الأوساط عليه فيكون لفظهم على قدر أصل المعنى من غير زيادة ولا نقص, وهذا القدر معلوم لكلّ واحد ممّن يعرف وضع الألفاظ ولو كان عاميًّا فلا يكون في البناء عليه ردّ إلى الجهالة.
[2] قوله: [والأوساط الذين إلخ] مبتدأ. قوله: ½على اختلافِ العبارات¼ أي: على الإتيان بعبارات مختلفة بالطول والقصر عند إفادة المعنى الواحد. قوله ½والتصرّفِ¼ عطف على قوله ½اختلافِ¼ من عطف السبب على المسبّب أي: ولا يقدرون على التصرّف في العبارات بمراعاة النكات واللطائف. قوله ½لهم حدّ معلوم إلخ¼ خبر المبتدأ, أي: لهم عبارة محدودة معلومة فلا يكون البناء على متعارف الأوساط ردًّا إلى الجهالة.
[3] قوله: [وأمّا البناء إلخ] هذا جواب عن كون البسط مجهولاً, وحاصله أنا لا نسلِّم أنّ البسط الموصوف مجهول لأنّ البلغاء يعرفون ما يقتضيه كلّ مقام من مقدار البسط عند النظر فيه فليس في البناء عليه ردّ إلى الجهالة.
[4] قال: [والأقرب إلخ] إن قلت هذا يقتضي أنّ ما قاله السكّاكي قريب إلى الصواب مع أنّ نظرَ المصـ فيه والعدولَ إلى غيره يدلّ على أنه ليس بصواب, ويقتضي أيضاً أنّ ما قاله المصـ ليس بصواب بل هو أقرب إليه, قيل إنّ أفعل التفضيل هنا ليس على بابه وأنّ المراد بالقرب إلى الصواب هو الصواب فإنّ كثيراً مّا يعبّر عن الشيء بالقرب إليه كقوله تعالى: ﴿ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ﴾ [المائدة:٨] فإنّ العدل داخل في التقوى.
[5] قال: [المقبول من طرق التعبير عن المراد إلخ] اعلم أنّ المعتبر من طرق التعبير عن المعنى المراد ثلاثة المساواة والإيجاز والإطناب كما أنّ غير المعتبر منها ثلاثة الإخلال والتطويل والحشو, وقد أشار المصـ في قوله هذا إلى الطرق الثلاثة المعتبرة واحترز فيه عن الطرق الثلاثة غير المعتبرة.